( فصل في القرض ) يطلق اسما بمعنى المقرض ومصدرا بمعنى الإقراض ولشبهه بالسلم في الضابط [ ص: 36 ] الآتي جعله ملحقا به فترجم له بفصل بل هو نوع منه إذ كل منهما يسمى سلفا ( الإقراض ) الذي هو تمليك الشيء برد بدله ( مندوب ) إليه ولشهرة هذا أو تضمينه لمستحب حذفه فهو من السنن الأكيدة للآيات الكثيرة والأحاديث الشهيرة كخبر مسلم { من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه } وصح خبر { من أقرض الله مرتين كان له مثل أجر إحداهما لو تصدق به } وفي خبر في سنده من ضعفه الأكثرون { أنه صلى الله عليه وسلم رأى ليلة أسري به مكتوبا على باب الجنة أن درهم الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر } وأن جبريل علل له ذلك بأن القرض إنما يقع في يد محتاج بخلاف الصدقة .
وروى البيهقي خبر { قرض الشيء خير من صدقته } وبينت ما في هذه الأحاديث في شرح الإرشاد وجزم بعضهم أخذا من الخبرين الأخيرين بأنه أفضل من الصدقة غير صحيح ؛ لأن الأول المصرح بأفضليتهم ا صحيح دونهما فوجب تقديمه عند التعارض على أنه يمكن حملهما على أنه من حيث الابتداء لما فيه من صون وجه من لا يعتاد السؤال عنه أفضل وحمل الأول على أنها من حيث الانتهاء لما فيها من عدم رد المقابل أفضل ومحل ندبه إن لم يكن المقترض مضطرا وإلا وجب وإن لم يعلم أو يظن من آخذه أنه ينفقه في معصية وإلا حرم عليهما أو في مكروه وإلا كره ويحرم الاقتراض والاستدانة [ ص: 37 ] على غير مضطر لم يرج الوفاء من جهة ظاهرة فورا في الحال وعند الحلول في المؤجل ما لم يعلم المقرض بحاله وعلى من أخفى غناه وأظهر فاقته عند القرض كما يأتي نظيره في صدقة التطوع ومن ثم لو علم المقترض أنه إنما يقرضه لنحو صلاحه وهو باطنا بخلاف ذلك حرم الاقتراض أيضا كما هو ظاهر .


