الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو مات العاقد ) الراهن أو المرتهن ( قبل القبض أو جن ) أو أغمي عليه أو طرأ عليه حجر سفه أو فلس أو خرس ولم تبق له إشارة مفهمة ( أو تخمر العصير أو أبق العبد ) [ ص: 71 ] أو جنى قبل القبض في الكل ( لم يبطل ) الرهن ( في الأصح ) أما غير الأخيرين فكالبيع في زمن الخيار بجامع أن مصير كل اللزوم فيقوم في الموت الوارث مقام مورثه في القبض والإقباض وفي غيره من ينظر في أمر نحو المجنون والمغمى عليه والأخرس المذكور فيعمل فيه بالمصلحة وبحث البلقيني أن المرتهن لا يتقدم به على الغرماء لأن حقهم تعلق بالتركة بالموت فإقباض الوارث تخصيص وهو ممنوع منه مردود لسبق التعلق قبل الموت بجريان العقد فلا تخصيص وأما فيهما كالجناية فلأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء فعاد بالانقلاب خلا وبعود الآبق وعفو المجني عليه ويمتنع القبض حال التخمر [ ص: 72 ] ولو دبغ جلد مرهون مات لم يعد رهنا ؛ لأن ماليته بالمعالجة بخلاف الخل ، ونحو نقله من شمس لظل قد لا يخلله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو خرس إلخ ) في شرح م ر ولو خرس الراهن قبل الإذن في القبض وأذن بالإشارة المفهمة قبضه المرتهن وإلا لم يقبضه فيبطل [ ص: 71 ] أو بعد الإذن وقبل القبض لم يبطل إذنه انتهى وعبارة العباب والأخرس لا يفهم وشرحه الشارح هكذا ولا خرس طرأ للراهن أو المرتهن قبل القبض إن كان لا يفهم بضم أوله أي لا يفهم من قام به مراده غيره ويلزم منه غالبا أنه هو لا يفهم مراد غيره وذلك لأن غايته أنه كالمجنون ، وجنونه قبل القبض لا يفسخه فكذا خرسه غير المفهم بناء على ما يأتي وقول ابن الصباغ إن بقي له إشارة مفهمة أو كتابة لم يبطل إذنه وإلا بطل كالجنون ضعيف بالنسبة للجنون وأما الخرس الغير المفهم فيحتمل أنه كذلك ويحتمل الفرق بأن للمجنون وليا يقوم مقامه فلا مسوغ للبطلان فيه وأما الأخرس الذي لا يفهم فإن قلنا إنه يولي عليه فكالمجنون وإلا احتمل بطلان الرهن لتعذر إمضائه لكن الإغماء لا يفسخ مع أن المغمى عليه لا يولى عليه وبذلك اتجه جزم المتن بما ذكر ثم رأيت البندنيجي قال وعندي لا يبطل والمحب الطبري رجحه وهو صريح فيما ذكره المتن وفي نسخة حذف لا والصواب إثباتها لما علمت انتهى .

                                                                                                                              ولقائل أن يقول إن الإذن في القبض حيث لم يتصل به القبض ويبطل بنحو الجنون والخرس الذي لا يفهم ثم في من يولى عليه يقوم مقامه في الإقباض أو تركه بالمصلحة ومن لا يولي يبطل رهنه لتعذر إمضائه نعم أن احتمل زوال عارضه فيحتمل أن لا بطلان وينتظر زوال العارض فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله أما غير الأخيرين ) في إخراجهما نظر ( قوله الوارث ) هل ولو عاما ( قوله من ينظر في أمر نحو المجنون ) لم يتعرض لخصوص الفلس ، وقد يقال قياس بحث البلقيني المذكور أن يمتنع على المفلس الإقباض بغير رضا بقية الغرماء بجامع تعلق الجميع بماله بالحجر ففي إقباضه تخصيص ، وقياس منع بحثه ورده أن لا يمتنع عليه ذلك لكن ذكر في شرح العباب تنبيها يتحصل منه أنه ليس له ذلك إلا برضا الغرماء ثم نقله عن ابن الصباغ ولو كان للمفلس غرماء غير المرتهن لم يجز للراهن تسليم الرهن إلى المرتهن قبل فك الحجر لتعلق حق سائر الغرماء به ولأنه ليس له أن يبتدئ عقد الرهن في هذه الحالة فكذا تسليم الرهن انتهى .

                                                                                                                              فيحتاج للفرق على مقتضى رد بحث البلقيني وقول ابن الصباغ قبل فك الحجر يشعر بأنه لو انفك الحجر قبل بيع الرهن جاز له التسليم حينئذ فليتأمل ( قوله وأما فيهما ) أي الأخيرين أي في المتن بدليل كالجناية ( قوله ويمتنع القبض ) فإن فعل استأنف [ ص: 72 ] بعد التخلل ( قوله ولو دبغ جلد إلخ ) انظر لو اندبغ بنحو إلقاء ريح له على دابغ إلا أن يقال من شأنه المعالجة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله الراهن أو المرتهن ) أي أو وكيلاهما أو وكيل أحدهما ا هـ نهاية ( قوله أو خرس إلخ ) عبارة النهاية ولو خرس الراهن قبل الإذن في القبض وأذن بالإشارة المفهمة قبضه المرتهن وإلا لم يقبضه أو بعد الإذن وقبل القبض لم يبطل إذنه ا هـ قول المتن ( أو تخمر العصير ) أي ولو بنقله من شمس إلى ظل كما يصرح به قوله الآتي ونحو نقله إلخ ا هـ ع ش قول المتن ( أو أبق ) ظاهره وإن أيس من عوده وينبغي في هذه الحالة أن له مطالبة الراهن بالدين حيث حل ؛ لأنه في هذه الحالة يعد كالتألف ا هـ ع ش [ ص: 71 ] قوله أو جنى ) ظاهره ولو أوجبت مالا وهو ظاهر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أما غير الأخيرين ) في إخراجهما نظر ا هـ سم ( قوله أن مصير كل ) أي من الرهن والبيع ( قوله الوارث ) ولو عاما ا هـ سم أي كناظر بيت المال ا هـ ع ش ( قوله والإقباض ) اعتمده النهاية والمغني أيضا ( قوله وفي غيره ) أي غير الموت عطف على قوله في الموت ( قوله من ينظر إلخ ) لم يتعرض لخصوص المفلس وقد يقال قياس بحث البلقيني المذكور أن يمتنع على المفلس الإقباض بغير رضا بقية الغرماء بجامع تعلق الجميع بماله بالحجر ففي إقباضه تخصيص ، وقياس منع بحثه ورده أن لا يمتنع عليه ذلك . لكن ذكر في شرح العباب تنبيها يتحصل منه أنه ليس له ذلك إلا برضا الغرماء ثم نقله عن ابن الصباغ ا هـ فيحتاج للفرق على مقتضى رد بحث البلقيني ا هـ سم على حج ولعل الفرق أن المفلس لما كان التصرف منه نفسه كان إقباضه تخصيصا للمرتهن ولم ينظر لتقدم السبب منه قبل الحجر بخلاف مسألة البلقيني فإنه بموت الراهن انتهى فعله وكان تصرف الوارث أمضاء لما فعله الراهن في حياته ، وقريب منه جعلهم إجازة الوارث الوصية تنفيذا لأعطية مبتدأة ا هـ ع ش ( قوله فيعمل فيه بالمصلحة ) هو ظاهره في غير المحجور عليه بالفلس أما هو فلا ولي له بل هو الذي يتولى الإقباض إن قلنا به ويتولى القبض لأنه لا ضرر على الغرماء فيه ا هـ ع ش ( قوله وهو ) أي الوارث ( قوله منه ) أي التخصيص ( قوله مردود ) خبر وبحث إلخ ( قوله لسبق التعلق إلخ ) عبارة النهاية بأن المخصص في الحقيقة عقد المورث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأما فيهما ) أي الأخيرين أي في المتن بدليل قوله كالجناية ا هـ سم ( قوله فعاد بالانقلاب إلخ ) عبارة المغني والنهاية وإذا تخلل عاد رهنا كما عاد ملكا وللمرتهن الخيار في البيع المشروط فيه الرهن سواء تخلل أم لا إن كان قبل القبض لنقصان الخل عن العصير في الأول وفوات المالية في الثاني أما بعد القبض فلا خيار له ؛ لأنه تخمر في يده ا هـ قال ع ش قوله لنقصان الخل إلخ يؤخذ منه أنه لا خيار له لو لم تنقص قيمته بالتخلل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويمتنع ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله حال التخمر ) فلو قبضه خمرا وتخلل استأنف القبض لفساد القبض الأول بخروج العصير عن المالية لا العقد [ ص: 72 ] لوقوعه حال المالية ا هـ مغني ( قوله جلد مرهون ) بالإضافة عبارة المغني ولو ماتت الشاة المرهونة في يد الراهن أو المرتهن فدبغ المالك أو غيره جلدها عاد ملكا للراهن ولم يعد رهنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بالمعالجة ) أي من شأنه المعالجة فلا يرد الاندباغ بنحو إلقاء ريح له على دابغ سم على حج ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية