الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو رهن وديعة عند مودع أو مغصوبا عند غاصب ) أو مستعيرا عند مستعير أو رهن أصل من فرعه أو ارتهن له ( لم يلزم ) هذا الرهن ( ما لم يمض زمن إمكان قبضه ) من وقت الإذن مع النقل أو التخلية نظير ما مر في البيع ؛ لأن [ ص: 69 ] دوام اليد كابتداء القبض ولا يشترط ذهابه إليه كما قالاه ، وإن أطال جمع في رده ( والأظهر ) في غير الولي إذ العبرة فيه بالقصد فقط ( اشتراط إذنه ) أي لراهن ( في قبضه ) ؛ لأن اليد كانت عن غير جهة الرهن ولم يقع تعرض للقبض عنه ( ولا يبرئه ارتهانه ) ونحو إجارته وتوكيله وقراضه عليه وتزوجه إياها وإبرائه عن ضمانه قبل رده لمالكه ( عن الغصب ) ونحوه من كل ضمان يد كالعارية ؛ لأن نحو الرهن توثق لا ينافي الضمان ومن ثم لو تعدى فيه المرتهن لم يرتفع .

                                                                                                                              ( تنبيه ) يأتي في الوديعة أنه لو تعدى فيها فأبرأه المالك عن ضمانها برئ ويفرق بأن يد الغاصب ونحوه متأصلة في الضمان فلم يرتفع بمجرد القول ويد الوديع الضمان طارئ عليها فهي متأصلة في الأمانة فردت إليها بأدنى سبب ( ويبرئه الإيداع ) كاستأمنتك عليه أو أذنت لك في حفظه ( في الأصح ) ؛ لأنه محض ائتمان فينافيه الضمان ومن ثم لو تعدى الوديع في الوديعة ارتفع عقد الإيداع [ ص: 70 ] واجتماع القراض والعارية يتصور في إعارة النقد للتزيين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله من فرعه ) أي المحجور ( قوله مع النقل أو التخلية ) إن كان المراد مع وجود النقل والتخلية [ ص: 69 ] بالفعل فهذا لا يعتبر هنا ؛ لأن العين في يد المرتهن فيكتفي في القبض بمضي الزمن فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وقراضه ) قال في شرح الروض وظاهر أنه إن تصرف في مال القراض أو فيما وكل فيه برئ كما سيأتي في بابهما ؛ لأنه سلمه بإذن مالكه وزالت عنه يده انتهى .

                                                                                                                              ( قوله كالعارية ) قال في الروض ولا يحرم عليه أي المستعير انتفاعه أي بالمعار الذي ارتهنه إلا بالرجوع وللغاصب إجبار الراهن على إيقاع يده عليه أي ليبرأ من الضمان ثم يستعيده بحكم الرهن وليس للراهن إجباره على رد المرهون إليه لذلك انتهى .

                                                                                                                              فإن لم يقبل رفع إلى الحاكم ليأمره بالقبض فإن أبي قبضه الحاكم أو مأذونه ويرده إليه ولو قال القاضي أبرأتك أو استأمنتك أو أودعتك قال [ ص: 70 ] صاحب التهذيب في كتابه التعليق بريء م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو رهن إلخ ) أي رهن ماله بيد غيره منه كأن رهن وديعة إلخ نهاية ومغني ( قوله أو مستعارا عند مستعير ) أي أو مؤجرا عند مستأجر أو مقبوضا بسوم عند مستام ا هـ مغني زاد النهاية أو مأخوذا ببيع فاسد عند آخذه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو رهن أصل من فرعه ) أي تولى الطرفين باشترائه شيئا من فرعه لنفسه ثم ارتهن شيئا من ماله لفرعه ( وقوله أو ارتهن له ) الضمير المجرور يرجع إلى الأصل أي ارتهن الأصل من الفرع لنفسه بأن باعه شيئا أو ارتهن من ماله شيئا لنفسه ا هـ كردي ( قوله من فرعه ) أي المحجور ا هـ سم قول المتن ( إمكان قبضه ) أي ذهابه إليه ا هـ كردي ( قوله من وقت الإذن ) عبارة المغني وابتداء زمن إمكان القبض من وقت الإذن فيه أي القبض لا العقد أي عقد الرهن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مع النقل أو التخلية ) أي مع زمن النقل أو زمن التخلية ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله مع النقل والتخلية ) إن أراد مع زمن إمكان النقل والتخلية فلا حاجة عليه لدخول النقل والتخلية في القبض فاعتبار مضي زمن إمكان قبضه اعتبار زمن إمكان النقل والتخلية وإن [ ص: 69 ] أراد مع وجود النقل والتخلية بالفعل فهذا لا يعتبرها ؛ لأن العين في يد المرتهن فيكتفي في القبض بمضي الزمن ا هـ سم عبارة النهاية عقب قول المتن زمن إمكان قبضه أي المرهون كنظيره في البيع لأنه لو لم يكن في يده لكان اللزوم متوقفا على هذا الزمن وعلى القبض لكن سقط القبض إقامة لدوام اليد مقام ابتدائها فبقي اعتبار الزمن فإن كان الرهن حاضرا اعتبر في قبضه مضي زمن يمكن فيه نقله إن كان منقولا وإن كان عقارا اعتبر مقدار التخلية وإن كان غائبا فإن كان منقولا اعتبر فيه مضي زمن يمكن فيه المضي إليه ونقله ، وإلا اعتبر مضي زمن يمكن المضي فيه إليه وتخليته ولو اختلفا في الإذن أو في انقضاء هذه المدة فالقول للراهن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا يشترط ذهابه إليه ) وهو الأصح نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله في غير الولي إلخ ) عبارة النهاية والمغني ولو رهن الأب ماله عند طفله أو عكسه اشترط فيه مضي ما ذكر وقصد الأب قبضا إذا كان مرتهنا وإقباضا إذا كان راهنا كالإذن فيه ا هـ قال الرشيدي قوله م ر وقصد الأب إلخ قضيته أنه لا يشترط قصده الإقباض في الأولى ولا القبض في الثانية والظاهر أنه كذلك فليراجع ا هـ قال سيد عمر ينبغي أن يكتفي بالقصد أيضا فيما إذا وهب ماله لطفله وهذه تقع كثيرا في النوازل فليتنبه لها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي الراهن ) إلى التنبيه في النهاية وكذا في المغني إلا قوله وتزوجه إياها . قول المتن ( في قبضه ) أي المرهون .

                                                                                                                              ( قوله عنه ) أي عن جهة الرهن فكان الأولى التأنيث . قول المتن ( ولا يبرئه ) أي الشخص الذي بيده شيء مضمون ضمان يد من المغصوب والمعار والمستام والمقبوض بالشراء الفاسد وما عدا هذه الأربعة يضمن بالمقابل حفني ا هـ بجيرمي قول المتن ( ولا يبرئه ارتهانه ) الضميران راجعان إلى الغاصب وقول الشارح ( وتوكيله ) أي توكيل المالك الغاصب في التصرف في المغصوب ببيع أو هبة أو غيرهما ( وقوله وقراضه عليه ) أي قراض المالك مع الغاصب في المغصوب ا هـ كردي ( قوله ونحو إجارته ) أي كعقده عليه المشاركة ا هـ نهاية ( قوله وتوكيله وقراضه ) وظاهر أنه إن تصرف في مال القراض أو فيما وكل فيه برئ ؛ لأنه سلمه بإذن مالكه وزالت عنه يده نهاية ومغني وأسنى .

                                                                                                                              ( قوله عن ضمانه ) أي ضمان نحو المغصوب وهو باق ؛ لأن الأعيان لا يبرأ منها إذ الإبراء إسقاط ما في الذمة أو تمليكه وكذا إن أبرأه عن ضمان ما يثبت في الذمة بعد تلفه لأنه إبراء عما لم يثبت نهاية ومغني ( قوله قبل رده لمالكه ) كذا في غالب النسخ وفي بعضها بدله وهو بيده خلافا لما وهم شارح وفي هامش نسخة صحيحة مقابلة على نسخة المؤلف قوله وهو بيده إلخ كذا في نسخة الشارح التي عليها خطه ا هـ أقول وهو الموافق لما في النهاية والمغني ( قوله كالعارية ) عبارة النهاية وكذا لا يبرأ المستعير بالرهن وإن منعه المعير الانتفاع لما مر ويجوز له الانتفاع بالمعار الذي ارتهنه لبقاء الإعارة فإن رجع المعير فيه امتنع ذلك عليه وللغاصب إجبار الراهن على إيقاع يده عليه ليبرأ من الضمان ثم يستعيده منه بحكم الرهن فإن لم يقبل رفع إلى الحاكم ليأمره بالقبض فإن أبى قبضه الحاكم أو مأذونه ويرده إليه ولو قال له القاضي أبرأتك واستأمنتك أو أودعتكه قال صاحب التهذيب في كتابة التعليق برئ وليس للراهن إجباره على رد المرهون إليه ليوقع يده عليه ثم يستعيده منه المرتهن بحكم الرهن إذ لا غرض له في براءة ذمة المرتهن ا هـ وكذا في المغني إلا قوله فإن لم يقبل إلى وليس إلخ قال ع ش قوله قال صاحب التهذيب إلخ معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن نحو الرهن إلخ ) أسقط النهاية والمغني لفظة نحو ( قوله لم يرتفع ) أي الرهن فإذا كان لا يرفع الضمان فلأن لا يرفعه ابتداء أولى وشمل كلامه أي المصنف ما لو أذن له بعد الرهن في إمساكه رهنا ومضت مدة إمكان قبضه نهاية ومغني ( قوله ويد الوديع ) عطف على اسم أن وقوله الضمان طارئ عليها الجملة [ ص: 70 ] عطف على خبر أن .

                                                                                                                              ( قوله واجتماع القراض ) جواب عما يقال إن قضية التمثيل لضمان اليد بالعارية مع قوله السابق وقراضه عليه أنهما قد يجتمعان وكيف يجتمعان والحال أن العارية إنما تكون فيما ينتفع به مع بقاء العين والقراض إنما يكون في النقد ا هـ كردي أي فكان ينبغي تقديمه على التنبيه ( قوله للتزيين ) أي أو لرهنه أو للضرب على صورته أو للوزن به كما مر عن النهاية و ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية