الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويتسلط كل واحد منهما على التصرف ) إذا أذن كل للآخر ( بلا ضرر ) أصلا بأن تكون فيه مصلحة وإن لم توجد الغبطة خلافا لما يوهمه تعبير أصله بها من منع شراء ما توقع ربحه إذ هي التصرف فيما فيه ربح عاجل له وقع واكتفى هنا بالمصلحة لأنه كتصرف الوكيل في جميع ما يأتي فيه ( فلا ) يبيع بثمن المثل وثم راغب بل لو ظهر في زمن الخيار لزمه الفسخ وإلا انفسخ ولا ( يبيع نسيئة ) للغرر ( ولا بغير نقد البلد ) كالوكيل هذا ما جزما به هنا وقياس ما يأتي في عامل القراض [ ص: 290 ] أن له ذلك إذا رآه مصلحة ( ولا ) يبيع ولا يشتري ( بغبن فاحش ) وسيأتي ضابطه في الوكالة فإن فعل شيئا من ذلك صح في نصيبه فقط فتنفسخ الشركة فيه ويصير مشتركا بين المشتري والشريك ( ولا يسافر به ) حيث لم يعطه له في السفر ولا اضطر إليه لنحو قحط أو خوف ولا كانا من أهل النجعة وإن أعطاه له حضرا فإن فعل ضمن وصح تصرفه ( ولا يبضعه ) بضم التحتية فسكون الموحدة أي يجعله بضاعة يدفعه لمن يعمل لهما فيه ولو متبرعا لأنه لم يرض بغير يده فإن فعل ضمن أيضا ( غير إذنه ) قيد في الكل وبمجرد الإذن في السفر لا يتناول ركوب البحر الملح بل لا بد من النص عليه وقوله ما شئت إذن في المحاباة كما يأتي بزيادة في الوكالة لا بما ترى لأن فيه تفويضا لرأيه وهو يقتضي النظر بالمصلحة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف ولا بغير نقد البلد ) أي لا يجوز بالعرض ولا بنقد غير البلد م ر ( قوله وقياس ما يأتي في عامل القراض ) بين في شرح الروض في باب القراض أنه يجوز للشريك البيع بالعرض وبغير نقد البلد إذا [ ص: 290 ] راج في باب الوكالة عن الأذرعي وغيره أنه يجوز لشريك التجارة شراء المعيب ( قوله أن له ذلك ) وعلى الأول فالفرق أن العمل في الشركة غير مقابل بعوض كما صرحوا به فلا يلزم من امتناع التصرف بغير نقد البلد تضرر بخلاف العمل ثم فإنه مقابل بالربح فلو منعناه من التصرف بغير النقد لضيقنا عليه طرق الربح الذي في مقابلة عمله وفيه من الضرر والمشقة ما لا يخفى م ر ( قوله ويصير ) أي المال



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله إذا أذن ) إلى قوله وقياس ما يأتي في النهاية إلا قوله واكتفى إلى المتن ( قوله بها ) أي بالغبطة ( قوله من منع إلخ ) بيان لما ( قوله إذ هي ) أي الغبطة ( قوله لأنه ) أي تصرف الشريك ( قوله فلا يبيع بثمن المثل إلخ ) أي بغير إذن الآخر كما يأتي ( قوله وثم راغب ) أي بأزيد ( قوله وإلا انفسخ ) أي بنفسه ا هـ ع ش قول المتن ( ولا بغير نقد البلد ) أي لا يجوز أي البيع بالعرض ولا بنقد غير نقد البلد م ر ا هـ سم على حج ظاهره وإن راج كل منهما ا هـ ع ش أي وسيأتي خلافه ( قوله هذا ) أي عدم جواز البيع بغير نقد البلد وكذا الإشارة في قوله الآتي له ذلك ( قوله وقياس ما يأتي إلخ ) بين في شرح الروض في باب القراض أنه يجوز للشريك البيع بالعرض وبغير نقد البلد إذا راجا وفي باب الوكالة عن الأذرعي وغيره أنه يجوز لشريك التجارة شراء المعيب ا هـ سم عبارة النهاية ولا ينافيه أي قول المتن ولا بغير نقد البلد أنه يجوز للعامل أي في القراض البيع بغيره مع أن المقصود من البابين متحد وهو الربح لأن العمل في الشركة غير مقابل بعوض كما صرحوا به فلا يلزم من امتناع التصرف بغير نقد البلد تضرر بخلاف العمل ثم فإنه يقابل بالربح فلو منعناه من التصرف بغير النقد لضيقنا عليه طرق الربح الذي في مقابلة عمله وفيه من الضرر والمشقة ما لا يخفى على أن المراد بكون الشريك لا يبيع بغير نقد البلد أنه لا يبيع بنقد غير نقد البلد إلا أن يروج كما صرح به ابن أبي عصرون إلى أن قال والأوجه الأخذ بالإطلاق هنا أي في العرض فلا يبيع بعرض وإن راج ا هـ قال ع ش قوله م ر والأوجه الأخذ بالإطلاق عبارة سم على منهج ومحل منع نقد غير البلد إذا لم يرج في البلد وإلا جاز انتهى وهو مخالف لمقتضى ما تقدم عنهسم على حج وقوله فلا يبيع بعرض وإن راج أي أما نقد غير البلد فيبيع به إن راج كما صرح به سم فيما تقدم ا هـ وكتب عليه أيضا الرشيدي ما نصه سكت م ر عن نقد غير البلد الرائج لكن تمسكه بإطلاقهم يقتضي المنع فيه مطلقا ا هـ وفي البجيرمي [ ص: 290 ] قوله ولا بغير نقد البلد أي لا يجوز بالعرض ولا بنقد غير البلد أي وإن راج كل منهما م ر ع ش وهو مخالف لما صرح به م ر في النهاية ا هـ قول المتن ( ولا بغبن إلخ ) أي بعين مال الشركة فإن اشترى في الذمة وقع له ا هـ رشيدي ويأتي مثله عن المغني

                                                                                                                              ( قوله وسيأتي ) إلى قول المتن ولكل فسخه في النهاية إلا قوله الملح ( قوله فإن فعل ) إلى المتن في المغني ( قوله فتنفسخ الشركة فيه إلخ ) عبارة المغني فتنفسخ الشركة في المشترى به أو في المبيع ويصير مشتركا بين البائع أو المشتري والشريك فإن اشترى بالغبن في الذمة اختص الشراء به فيزن الثمن من ماله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويصير مشتركا ) أي على جهة الشيوع ولكن لا يتصرف أحدهما إلا بإذن الآخر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله والشريك ) أي غير البائع ا هـ ع ش ( قوله حيث لم يعطه ) إلى قوله وقوله بما شئت في المغني إلا لفظة ولو في ولو تبرعا وقوله الملح ( قوله في السفر ) عبارة المغني نعم إن عقد الشركة بمفازة لم يضمن بالسفر إلى مقصده لأن القرينة قاضية بذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو خوف ) أي من عدو ( قوله ولا كانا من أهل النجعة ) وينبغي أن مثل أهل النجعة من جرت عادتهم بالذهاب إلى أسواق متعددة ببلاد مختلفة كبعض بائعي الأقمشة فيجوز له السفر بالمال على العادة ولو في البحر حيث غلبت السلامة وينبغي الاكتفاء بالإذن له في السفر على وجه التعميم أو يطلق الإذن فيحمل على العموم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وإن أعطاه إلخ ) غاية لما قبله ( قوله فإن فعل ) عبارة المغني فإن سافر وباع صح البيع وإن كان ضامنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو تبرعا ) واقتصار كثير على دفعه لمن يعمل فيه متبرعا باعتبار تفسير الإبضاع ا هـ نهاية أي وإلا فلا فرق في الضمان بين ذلك ودفعه لمن يعمل فيه بأجرة ع ش ( قوله فإن فعل ضمن أيضا ) ظاهره صحة التصرف وهو ظاهر إن قلنا بصحة توكيل أحد الشريكين وهو المعتمد وإلا فلا ا هـ ع ش ( قوله قيد في الكل ) أي وأما بإذنه فيصح ثم إن كان لما أذن له فيه محمل يحمل عليه كأن كانت النسيئة معتادة إلى أجل معلوم فيما بينهم وإلا فينبغي اشتراط بيان قدر النسيئة ويحتمل الصحة ويبيع بأي أجل اتفق لصدق النسيئة به ا هـ ع ش أي نظير ما مر في إطلاق الإذن في السفر وهو الأقرب .

                                                                                                                              ( قوله لا يتناول ركوب البحر الملح إلخ ) أقول ولا الأنهار العظيمة حيث خيف من السفر فيها ومحل ذلك حيث لم يتعين البحر طريقا بأن لم يكن للبلد المأذون فيه طريق غير البحر وينبغي أن يلحق به ما لو كان للبلد طريق آخر لكن كثر فيه الخوف أو لم يكثر لكن غلب سفرهم في البحر ا هـ ع ش ( قوله في الوكالة ) عبارة المغني وسيأتي في الوكالة أنه لو قال الموكل للوكيل بع بكم شئت أن له البيع بالغبن الفاحش ولا يجوز بالنسيئة ولو قال كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن ولا بغير نقد البلد فيأتي مثل ذلك هنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذن في المحاباة ) بلا همز كما يؤخذ من المختار حيث ذكره في المعتل ومع ذلك فينبغي أن لا يبالغ في المحاباة بل يفعل ما يغلب على الظن الرضا بالمسامحة به ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية