الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) لكن ( لو ظفر ) المقرض ( به ) أي بالمقترض ( في غير محل الإقراض وللنقل ) من محله إلى محل الظفر ( مؤنة ) ولم يتحملها المقرض ( طالبه بقيمة بلد الإقراض ) يوم المطالبة لجواز الاعتياض عنه لا بالمثل استوت قيمة بلد الإقراض والمطالبة أم لا كما قاله الشيخان خلافا لابن الصباغ وجماعة للضرر وهي للفيصولة فلو اجتمعا ببلد الإقراض لن يترادا أما إذا لم تكن له مؤنة أو تحملها المقرض فيطالبه به نعم النقد الذي يعسر نقله أو تفاوتت قيمته بتفاوت البلاد كالذي لنقله مؤنة قاله الإمام وقوله أو تفاوتت قيمته إنما يأتي على ما مر عن ابن الصباغ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وللنقل مؤنة ) في شرح م ر واعلم أيضا أن المراد بكون النقل له مؤنة أن تزيد قيمته بالنقل إلى بلد المطالبة لا أن مجرد النقل له مؤنة فإنه لا يمكن نقل شيء من بلد إلى بلد إلا بمؤنة ولو كان المراد ذلك لأدى إلى أنه لو أقرضه قفيزا بقرية من قرى مصر ثم وجده بأخرى منها وقيمته في الموضعين سواء أو في بلد المطالبة أقصى أنه يطالب بالقيمة فيه وليس كذلك لما سبق انتهى وأقول في هذا الكلام نظر .

                                                                                                                              ( قوله لا بالمثل ) الذي اعتمده شيخنا الشهاب الرملي أن المانع من طلب المثل كل من مؤنة الحمل وكون قيمة بلد المطالبة أكثر واقتصار الشيخين على الأول لا ينافي الثاني بل هو مفهوم منه بالأولى أو المساواة فلا منافاة بين ما قاله الشيخان وما قاله ابن الصباغ م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( مؤنة ) أي أجرة . قول المتن ( بقيمة بلد الإقراض ) لأنه محل التملك ( يوم المطالبة ) ؛ لأنه وقت استحقاقها ا هـ مغني ( قوله لا بالمثل ) عطف على بقيمة بلد الإقراض ( قوله استوت قيمة إلخ ) خالفه النهاية والمغني فقالا فعلم أنه لا يطالبه بمثله إذا لم يتحمل مؤنة حمله لما فيه من الكلفة وأنه يطالبه بمثل ما لا مؤنة لحمله وهو كذلك فالمانع من طلب المثل عند الشيخين وكثير مؤنة الحمل وعند جماعة منهم ابن الصباغ كون قيمة بلد المطالبة أكثر من قيمة بلد الإقراض ولا خلاف في الحقيقة كما قال شيخي بين الشيخين وغيرهما ؛ لأن من نظر إلى المؤنة ينظر إلى القيمة بطريق الأولى ؛ لأن المدار حصول الضرر وهو موجود في الحالين ا هـ قال ع ش وتعرف قيمته بها أي بلد الإقراض مع كونهما في غيرها إما ببلوغ الأخبار أو باستصحاب ما علموه قبل مفارقتها أو بعد بلوغ الخبر ا هـ وقال الرشيدي قوله فعلم أنه لا يطالبه إلخ شمل ما إذا كان بمحل الظفر أقل قيمة كما إذا أقرضه طعاما بمكة ثم لقيه بمصر . في شرح الروضة أنه ليس له في هذه الصورة مطالبته بالقيمة بل لا يلزمه إلا مثله وقوله ما لا مؤنة لحمله أي ولا كانت قيمته ببلد المطالبة أكثر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو استوت ) إلى قوله للضرر كان الأولى ذكره عقب قوله الآتي : فيطالبه به ( قوله للضرر ) أي على المقترض وهو علة لقوله لا بالمثل ( قوله وهي ) إلى قوله وقوله في النهاية والمغني ( قوله وهي ) أي القيمة أي أخذها ( قوله لم يترادا ) أي ليس للمقرض ردها وطلب المثل ولا للمقترض طلب استردادها نهاية ومغني ( قوله يعسر نقله ) أي لخوف الطريق مثلا ع ش ورشيدي ( قوله أو تفوت قيمته إلخ ) ومنه كما هو واضح ما إذا أقرضه دنانير مثلا بمصر ثم لقيه بمكة وقيمة الذهب فيها أكثر كما هو الواقع فليس له المطالبة بالمثل وإنما يطالب بالقيمة ا هـ رشيدي ( قوله وإنما يتأتى إلخ ) رده النهاية بما نصه .

                                                                                                                              وما اعترض به قوله أي الإمام أو تفاوتت قيمته من أنه إنما يأتي على ما مر عن ابن الصباغ بناه المعترض على عدم استقلال كل من العلتين وقد مر رده ا هـ أي علتي منع مطالبة المثل من مؤنة النقد وارتفاع قيمة بلد المطالبة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية