الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون كفصد وحجامة ) بخلافهما لغير مصلحة حفظا لملكه لكنه لا يجبر عليه كسائر الأدوية كما أفاده صنيعه ؛ لأن البرء بالدواء غير متيقن وبه فارق وجوب النفقة ، وكمعالجة بدواء قطع يد متآكلة وسلعة إن غلبت السلامة في القطع [ ص: 88 ] وختان ولو كبيرا وقت الاعتدال حيث لا عارض به يخاف من الختان معه وكان يندمل عادة قبل الحلول أو لا تنقص به القيمة وبهذه الشروط يجمع بين كلام الروضة وغيرها ( وهو أمانة في يد المرتهن ) فلا يضمنه إلا بالتعدي كالوديع للخبر الصحيح { لا يغلق الرهن على راهنه له غنمه وعليه غرمه } ومعنى لا يغلق لا يملكه المرتهن عند تأخر الحق أو لا يكون غلقا يتلف الحق بتلفه فوجب حمله عليهما معا والغلق ضد الفك من غلق يغلق كعلم يعلم وفي رواية صحيحة { الرهن من راهنه } أي من ضمانه كما هو عرف لغة العرب في قولهم الشيء من فلان ولو غفل عن نحو كتاب فأكلته الأرضة أو جعله في محل هو مظنتها ضمنه لتفريطه ومر أن اليد الضامنة لا تنقلب بالرهن أمانة ( ولا يسقط بتلفه شيء من دينه ) للحديث .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فلا يضمنه إلا بالتعدي ) أو إذا استعاره كما قال في الروض فإن استعاره أو تعدى فيه ضمن كما لو منع منه الاستيفاء قال في شرحه يعني بعد سقوطه قال فعلم أنه بعد سقوطه باق على أمانته ما لم يمنع من رده وبه صرح الأصل ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بخلافهما إلخ ) أي الفصد والحجامة لغير مصلحة عبارة النهاية فلو لم تكن حاجة منع من الفصد دون الحجامة قال الماوردي والروياني لخبر روي قطع العروق مسقمة والحجامة خير منه ا هـ قال ع ش قوله م ر مسقمة أي طريق للمرض وقوله م ر والحجامة خير منه لعل هذا فيما إذا لم يخبر طبيب بضررها وقد يدل عليه قوله فلو لم تكن حاجة إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله حفظا لملكه ) تعليل للمتن ( قوله لا يجبر عليه ) أي الراهن على ما ذكر من الفصد والحجامة لمصلحة ( قوله كما أفاده ) أي عدم الإجبار ( قوله لأن البرء إلخ ) تعليل لقوله لا يجبر عليه إلخ ( قوله وبه ) أي بعدم تيقن البرء بالدواء ( قوله فارق ) أي الدواء ( قوله وكمعالجة ) إلى قوله أو لا تنقص في النهاية والمغني ( قوله وكمعالجة إلخ ) عطف على كفصد .

                                                                                                                              ( قوله إن غلبت السلامة في القطع ) فإن غلب التلف أو استوى الأمر إن أوشك امتنع عليه ذلك وله أي الراهن نقل المزحوم من النخل إذا قال أهل الخبرة نقلها أنفع وقطع البعض منها لإصلاح الأكثر ، والمقطوع منها مرهون بحاله وما يحدث من سعف وجريد وليف غير مرهون وكذا ما كان ظاهرا منها عند العقد [ ص: 88 ] كالصوف بظهر الغنم وله رعي الماشية في الأمن نهارا ويردها المرتهن أو العدل ليلا وله أن ينتجع بها إلى الكلإ ونحوه لعدم الكفاية في مكانها ويردها ليلا إلى عدل يتفقان عليه أو ينصبه الحاكم ا هـ نهاية زاد المغني والأسنى ويجوز للمرتهن الانتجاع للضرورة كما يجوز له نقل المتاع من بيت غير محرز إلى محرز فإن انتجعا إلى مكان واحد فذا أو إلى مكانين فلتكن مع الراهن ويتفقان على عدل تبيت عنده أو ينصبه الحاكم ا هـ قال ع ش قوله ويردها ليلا أي حيث اعتيد العود بها ليلا من المرعى فلو اعتيد المبيت بها في المرعى لم يكلف ردها ليلا بل يمكث بها لتمام الرعي على ما جرت به العادة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وختان ) عطف على معالجة ( قوله فلا يضمنه ) فلو شرط كونه مضمونا لم يصح الرهن ونهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله إلا بالتعدي ) أو إذا استعاره كما في الروض ا هـ سم عبارة النهاية واستثنى البلقيني أي من كونه أمانة فيكون مضمونا تبعا للمحاملي ثمان مسائل ما لو تحول المغصوب رهنا أو تحول المرهون غصبا بأن تعدى فيه أو تحول المرهون عارية أو تحول المستعار رهنا أو رهن المقبوض ببيع فاسد تحت يد المشتري له منه أو رهن مقبوض بسوم من المستام أو رهن ما بيده بإقالة أو فسخ قبل قبضه منه أو خالع على شيء ثم رهنه قبل قبضه ممن خالعه انتهى بزيادة من ع ش قال الرشيدي قوله أو خالع إلخ الضمان في هذه ضمان عقد بخلاف ما قبلها كما لا يخفى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فوجب إلخ ) أي لعدم مرجح لأحد المعنيين ( قوله الرهن من راهنه ) تتمته { له غنمه وعليه غرمه } ا هـ نهاية ( قوله ولو غفل إلخ ) الأولى فلو إلخ تفريعا على قوله إلا بالتعدي إلخ ( قوله مظنتها ) أي الأرضة .

                                                                                                                              ( قوله ومر إلخ ) أي في قول المتن ولا يبرئه ارتهانه عن الغصب وشرحه وهو في قوة الاستثناء فكأنه قال عطفا على قوله بالتعدي وفيما إذا كان اليد ضامنة ( قوله للحديث ) أي وكموت الكفيل بجامع التوثق .

                                                                                                                              ( تنبيه ) قوله ولا يسقط بالواو أحسن من حذفها في المحرر والروضة وأصلها ؛ لأنها تدل على ثبوت حكم الأمانة مطلقا ويتسبب عدم السقوط عنها ولا يلزمه ضمانه بمثل أو قيمة إلا إن استعاره من الراهن أو تعدى فيه أو منع من رده بعد سقوط الدين والمطالبة أما بعد سقوطه وقبل المطالبة فهو باق على أمانته مغني ونهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية