الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو اشتراهما ) أي الصبغ والثوب ( من اثنين ) كلا من واحد فصبغه به ثم حجر عليه أو عكسه وأراد البائعان الرجوع ( فإن لم تزد قيمته ) أي : الثوب ( مصبوغا على قيمة الثوب ) قبل الصبغ ( فصاحب الصبغ فاقد ) له فيضارب بثمنه وصاحب الثوب واجد له فيرجع فيه من غير شيء لو نقصت قيمته ( وإن زادت بقدر قيمة الصبغ اشتركا ) في الرجوع فيهما كما بأصله وشركتهما في الصبغ كما مر فإن لم تزد بقدر قيمة الصبغ فالنقص عليه فإن شاء صاحبه رجع به ناقصا أو ضارب بثمنه وصاحب الثوب واجد له فيأخذه ولا شيء له وإن نقصت قيمته ( وإن زادت على قيمتهما ) أي : الثوب والصبغ جميعا كأن صارت قيمته في المثال السابق ثمانية .

                                                                                                                              ( فالأصح أن المفلس شريك لهما ) أي : للبائعين ( بالزيادة ) وهي الربع وإن نقصت عن قيمة الصبغ فكما مر ولو كان المشترى هو الصبغ وحده وزادت قيمة الثوب مصبوغا على قيمته غير مغصوب فهو شريك به وإلا فهو فاقد له .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لم أر تصريحا بوقت اعتبار قيمة الثوب أو الصبغ [ ص: 159 ] ولا بوقت اعتبار الزيادة عليهما أو النقص عنهما في كل ما ذكر والذي يظهر اعتبار وقت الرجوع في الكل ؛ لأنه وقت الاحتياج إلى التقويم ليعرف ما للبائع والمفلس فتعتبر قيمة الثوب حينئذ خلية عن نحو الصبغ وقيمة نحو الصبغ بها حينئذ وتعتبر الزيادة حينئذ هل هي لهما أو لأحدهما ؟ ولا يأتي هنا ما مر في تلف بعض المبيع أن العبرة في التالف بأقل قيمتيه يوم العقد والقبض وفي الباقي بأكثرهما ؛ لأن ذاك فيه فوات بعض المبيع وهو مضمون على البائع وما هنا ليس كذلك ؛ لأن الصبغ إن كان من المشتري فواضح أو من أجنبي فكذلك أو من بائع الثوب فهو في حكم عين مستقلة بدليل أن له حكما غير الثوب ومنه أنه متى ساوى شيئا لم يكن لبائعه إلا هو وإن قل إن أراده وإلا ضارب بقيمته فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأن ذاك فيه إلخ ) يتأمل هذا الكلام



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو عكسه ) أي : أو حصل عكسه بأن تأخر الصبغ عن الحجر نظير ما مر قول المتن ( فإن لم تزد إلخ ) أي : بأن ساوت أو نقصت مغني ونهاية ( قوله فيرجع ) أي : جوازا ( قوله في الرجوع فيهما إلخ ) أي : في الثوب والصبغ عبارة النهاية في الرجوع والثوب وعبارة المحرر فلها الرجوع ويشتركان فيه ا هـ زاد المغني وهي أولى من عبارة المصنف ا هـ أي : ؛ لأن الشركة إنما هي في الثوب دون الرجوع ع ش ( قوله كما مر ) أي : في شرح والمفلس شريك بالصبغ ( قوله فالنقص عليه ) أي : الصبغ وكذا ضمير به وبثمنه ( قوله وصاحب الثوب إلخ ) عطف على النقص عليه إلخ ( قوله ولا شيء له إلخ ) لا موقع له هنا فإن الموضوع زيادة قيمة المجموع على قيمة الثوب ونقصان تلك الزيادة عن قيمة الصبغ كأن صارت خمسة ولذا أسقطه النهاية والمغني ( قوله وإن نقصت ) أي : قيمة الثوب مصبوغا و ( قوله عن قيمة الصبغ ) كان الأولى عن قيمته قبل الصبغ و ( قوله فكما مر ) أي : قبيل قول المتن وإن زادت على قيمتهما إلخ ولا يخفى أن هذا عين ما مر هناك وداخل في قول المصنف فإن لم تزد قيمته إلخ كما نبه عليه النهاية والمغني فكان الأولى إسقاطه كما فعلاه ( قوله ولو كان المشترى ) اسم مفعول ( قوله فهو شريك ) أي : بائع الصبغ فإن نقصت حصته عن ثمن الصبغ فالأصح أنه إن شاء قنع به وإن شاء ضارب بالجميع .

                                                                                                                              ( تنبيه ) للمفلس والغرماء قلع الصبغ إن اتفقوا عليه ويغرمون نقص الثوب ( قوله بأن ساوتها إلخ ) أي : بأن صارت قيمة المجموع أربعة أو ثلاثة ا هـ شرح المنهج ولمالك الثوب قلعه مع غرم نقص الصبغ قاله المتولي ومحل ذلك إذا أمكن قلعه بقول أهل الخبرة وإلا فيمنعون منه مغني ونهاية وشرح الروض ( قوله فهو فاقد له ) أي فيضارب بثمنه ( قوله بوقت اعتبار إلخ ) أي ببيانه وتعيينه ( قوله أو الصبغ ) أي : أو نحوه كالطحن والقصارة ( قوله [ ص: 159 ] عليهما ) أي : قيمة الثوب أو قيمة الصبغ وتثنية الضمير نظرا إلى أن أو للتنويع ( قوله في كل ما ذكر ) متعلق بلم أر أي بالنفي لا بالمنفي وإلا لكان المناسب في واحد مما ذكر إلا أن يجعل من قبيل لا يحب كل مختال فخور ( قوله حينئذ ) أي حين الرجوع وكذا فيما يأتي ( قوله خلية عن نحو الصبغ ) كان الأولى خليا بإسقاط التاء أو عن قيمة نحو الصبغ إلخ بزيادة لفظ قيمة ( قوله بها ) أي في نفسها خلية عن قيمة الثوب ويحتمل أن المراد بحالة خلو نحو الصبغ عن الثوب ( قوله ما مر إلخ ) أي : في شرح ولو تلف أحد العبدين إلخ ( قوله أن العبرة إلخ ) بيان لما مر ( قوله ؛ لأن ذاك فيه إلخ ) يتأمل هذا الكلام ا هـ سم ولعل وجهه أن هنا قد ينقص الثوب وقد يزيد بل صورة واحدة بائع الثوب والصبغ هنا من إفراد ما مر من تلف أحد مبيعين صفقة يفرد كل منهما بعقد ( قوله على البائع ) متعلق بفوات إلخ ( قوله ومنه ) أي : من حكمه ( قوله لم يكن لبائعه إلا هو إلخ ) أي : فيرجع به ناقصا أو يضارب بثمنه ( قوله بقيمته ) الأولى بثمنه .

                                                                                                                              ( تنبيه ) يجوز لقصار وصباغ ونحوهما من كل من فعل ما يجوز الاستئجار عليه ويظهر أثره على المحال كخياط وطحان استؤجر على ثوب فقصره أو صبغه أو خاطه أو حب فطحنه حبس الثوب المقصور ونحوه بوضعه عند عدل حتى يقبض أجرته وقيده أي : جواز الحبس القفال بالإجارة الصحيحة والبارزي والبلقيني بما إذا زادت القيمة بنحو القصارة وإلا فلا حبس بل يأخذه المالك كما لو عمل المفلس أي : بنفسه لم تزد القيمة فإن كان أي المستأجر محجورا عليه بالفلس ضارب الأجير بأجرته وإلا طالبه بها وزيادة القيمة في مسألة الخياط تعتبر على قيمته مقطوعا القطع المأذون فيه لا صحيحا ومتى تلف الثوب المقصور ونحوه بآفة أو فعل الأجير قبل تسليمه للمستأجر سقطت أجرته بخلاف فعل المستأجر فإنه يكون قبضا له ويتردد النظر في إتلاف أجنبي يضمن ، والأوجه أن القيمة التي يضمنها الأجنبي إذا زادت بسبب فعل الأجير لم تسقط أجرته أي : الأجير وإلا سقطت ا هـ نهاية قال ع ش قوله ونحوهما إلخ أي : بخلاف نحو نقاد وشيال من كل من فعل ما لا يظهر أثره على المحال فليس له حبس العين فيجب تسليمها لصاحبه ويطالبه بالأجرة كسائر الديون ( قوله بوضعه عند عدل ) أي : يتفقان عليه أو بتسليمه للحاكم عند تنازعهما ولهما وضعه عند غير عدل ؛ لأن الحق لهم لا يعدوهم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( خاتمة ) ولو أخفى شخص بعض ماله فنقص الموجود عن دينه فحجر عليه ورجع البائع في عين ماله وتصرف القاضي في باقي ماله ببيعه وقسمة ثمنه بين غرمائه ثم بان أنه لا يجوز الحجر عليه لم ينقض تصرفه ؛ إذ للقاضي بيع مال الممتنع من أداء دينه وصرفه في دينه ورجوع البائع في العين المبيعة لامتناع المشتري من أداء الثمن مختلف فيه وقد حكم به القاضي معتقدا جوازه بخلاف ما إذا لم يعتقد ذلك فينتقض تصرفه ا هـ مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية