( والرشد صلاح الدين والمال ) معا كما فسر به وغيره الآية السابقة ووجه العموم فيه مع أنه نكرة مثبتة وقوعه في سياق الشرط قالوا ولا يضر ابن عباس ؛ لأن الغالب عروض التوبة في بعض الأوقات التي يحصل فيها الندم فيرتفع الحجز بها ثم لا يعود بعود الفسق إطباق الناس على معاملة من لا يعرف حاله مع غلبة الفسق . ويعتبر في ولد الكافر ما هو صلاح عندهم دينا ومالا
قال ابن الصلاح فلا يكفي معرفتها ظاهرا ولو بالاستفاضة وإذا شرطنا صلاح الدين ( فلا يفعل محرما ما يبطل العدالة ) [ ص: 167 ] بارتكاب كبيرة مطلقا أو صغيرة ولم تغلب طاعاته معاصيه وخرج بالمحرم خارم المروءة فلا يؤثر في الرشد وإن حرم ارتكابه لكونه تحمل شهادة ؛ لأن الحرمة فيه لأمر خارج ( و ) ولا يلزم شاهد الرشد معرفة عدالة المشهود له باطنا أي : جنسه ( باحتمال غبن فاحش ) وسيأتي في الوكالة بخلاف اليسير ( في المعاملة ) كبيع ما يساوي عشرة بتسعة ؛ لأنه يدل على قلة عقله ومن ثم لو أراد به المحاباة والإحسان لم يؤثر ؛ لأنه ليس بتضييع ولا غبن ولو كان بغبن في بعض التصرفات لم يحجر عليه كما رجحه إذا شرطنا صلاح المال لم يحصل إلا إن كان بحيث ( لا يبذر بأن يضيع المال ) القمولي لبعد اجتماع الحجر وعدمه لكن الذي مال إليه الأذرعي اعتبار الأغلب ( أو رميه ) ولو فلسا وظاهر كلامهم أنه لا يلحق به الاختصاص في هذا وهو محتمل ويحتمل خلافه ( في بحر ) لقلة عقله ( أو إنفاقه ) ولو فلسا أيضا ( في محرم ) في اعتقاده ولو في صغيره والإنفاق هنا مجاز عن خسر أو غرم أو ضيع إذ هذا هو الذي يقال في المخرج في المعصية .
( والأصح أن صرفه في الصدقة ووجوه الخير ) عام بعد خاص ( والمطاعم والملابس ) والهدايا ( التي لا تليق ) به ( ليس بتبذير ) ؛ لأن له [ ص: 168 ] فيه غرضا صحيحا هو الثواب أو التلذذ ومن ثم قالوا لا سرف في الخير كما لا خير في السرف وفرق الماوردي بين بأن الأول الجهل بمواقع الحقوق والثاني الجهل بمقاديرها وكلام التبذير والسرف الغزالي يقتضي ترادفهما ويوافقه قول غيره حقيقة السرف ما لا يقتضي حمدا عاجلا ولا أجرا آجلا ولا ينافي ما هنا عد الإسراف في النفقة معصية ؛ لأنه مفروض فيمن يقترض لذلك من غير رجاء وفاء من جهة ظاهرة مع جهل المقرض بحاله .