ولما كان إخراج الأقوات نعمة أخرى؛ قال: وأخرجنا منها حبا ؛ ونبه (تعالى) على عظيم القدرة فيها؛ وعلى عموم نفعها؛ بمظهر العظمة؛ وزاد في التنبيه بالتذكير بأن الحب معظم ما يقيم الحيوان؛ فقال - مقدما للجار؛ إشارة إلى عد غيره بالنسبة إليه عدما؛ لعظيم وقعه؛ وعموم نفعه؛ [ ص: 124 ] بدليل أنه متى قل جاء القحط؛ ووقع الضرر -: فمنه ؛ أي: بسبب هذا الإخراج؛ يأكلون ؛ أي: فهو حب حقيقة؛ يعلمون ذلك علم اليقين؛ وعين اليقين؛ وحق اليقين؛ لا يقدرون على أن يدعوا أن ذلك خيال سحري بوجه؛ وفي هذه الآية وأمثالها حث عظيم على تدبر القرآن؛ واستخراج ما فيه من المعاني الدالة على جلال الله؛ وكماله؛ وقد أنشد هنا الأستاذ أبو القاسم القشيري - رحمه الله -؛ في تفسيره؛ في عيب من أهمل ذلك؛ فقال:
يا من تصدر في دست الإمامة في ... مسائل الفقه إملاء وتدريسا
غفلت عن حجج التوحيد تحكمها
... شيدت فرعا وما مهدت تأسيسا