[ ص: 126 ] ولما كانت حياة كل شيء إنما هي بالماء؛ أشار إلى ذلك بقوله: ليأكلوا من ؛ وأشارت قراءة حمزة ؛ بصيغة الجمع؛ مع إفراد الضمير؛ إلى أن الشجرة الواحدة تجمع بالتطعيم أصنافا من الثمر؛ والكسائي ثمره ؛ أي: من ثمر ما تقدم؛ ولولا الماء لما طلع؛ ولولا أنه بكثرة لما أثمر بعد الطلوع.
ولما كان الإنسان قد يتسبب في تربية بعض الأشياء؛ أبطل - سبحانه - الأسباب فيما يمكن أن يدعو فيه تسببا؛ ونبه على أن الكل بخلقه؛ فقال: وما عملته ؛ أي: ولم تعمل شيئا من ذلك؛ أيديهم ؛ أي: عملا ضعيفا - بما أشار إليه تأنيث الفعل؛ فكيف بما فوقه؟! وإن تضافروا على ذلك؛ بما أشار إليه جمع "اليد"؛ ولما كان السياق ظاهرا في هذا؛ جاءت قراءة ؛ حمزة ؛ والكسائي وحفص عن ؛ بحذف الضمير؛ غير منوي قصرا للفعل؛ تعميما للمفعول؛ ردا لجميع الأمور إلى بارئها؛ سواء كانت بسبب؛ أو بغير سبب؛ أي ولم يكن لأيديهم عمل لشيء من الأشياء؛ لا لهذا؛ ولا لغيره مما له مدخل في عيشهم؛ ومن غيره؛ ولذلك حسن كل الحسن إنكاره عليهم عدم الشكر؛ بقوله: عاصم أفلا يشكرون ؛ أي: يدأبون دائما في إيقاع الشكر؛ والدوام على تجديده في كل حين؛ بسبب هذه النعم الكبار.