وأنبتنا ؛ أي: بعظمتنا؛ في ذلك المكان؛ الذي لا مقتضى للنبات مطلقا فيه؛ فضلا عما لا ينبت إلا بالماء الكثير.
ولما كان سقمه متناهيا؛ بالغا إلى حد يجل عن الوصف؛ نبه عليه بأداة الاستعلاء؛ فقال: عليه ؛ أي: ورفعناها حال إنباتنا إياها فوقه؛ لتظله كما يظل البيت الإنسان؛ ولما كان الدباء من النجم؛ وكان قد أعظمها - سبحانه - لأجله؛ عبر عنها بما له ساق؛ فقال: شجرة ؛ ولما كانت هذه العبارة مفهمة لأنها مما له ساق؛ نص على خرق العادة بقوله: [ ص: 295 ] من يقطين ؛ أي: من الأشجار التي تلزم الأرض؛ وتقطن فيها؛ وتصلح لأن يأوي إليها ويقطن عندها؛ حتى يصلح حاله؛ فإنه (تعالى) عظمها؛ وأخرجها عن عادة أمثالها؛ حتى صارت عليه كالعريش؛ و"اليقطين": كل ما يمتد وينبسط على وجه الأرض؛ ولا يبقى على الشتاء؛ ولا يقوم على ساق؛ كالبطيخ؛ والقثاء؛ والمراد به هنا - كما قاله - رضي الله عنهما - شجرة القرع؛ لعظم ورقها؛ وبرد ظلها؛ ونعومة ملمسها؛ وأن الذباب لا يقربها؛ قال ابن عباس أبو حيان : وماء ورقه إذا رش به مكان لا يقربه ذباب أصلا؛ وقال غيره: فيه ملاءمة لجسد الإنسان؛ حتى لو ذهبت عظمة من رأسه فوضع مكانها قطعة من جلد القرع؛ نبت عليها اللحم وسد مسده؛ وهو من "قطن بالمكان"؛ إذا أقام به إقامة زائل؛ لا ثابت.