[ ص: 46 ] آ. (5) قوله : فإن مع العسر يسرا : العامة على سكون السين في الكلم الأربع، وابن وثاب وأبو جعفر بضمها. وفيه خلاف. هل هو أصل، أو مثقل من المسكن؟ والألف واللام في "العسر" الأول لتعريف الجنس، وفي الثاني للعهد; ولذلك روي عن وعيسى "لن يغلب عسر يسرين" وروي أيضا مرفوعا ابن عباس: والسبب فيه: أن العرب إذا أتت باسم ثم أعادته مع الألف واللام كان هو الأول نحو: "جاء رجل فأكرمت الرجل" وكقوله تعالى: أنه عليه السلام خرج يضحك يقول: "لن يغلب عسر يسرين" كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ولو أعادته بغير ألف ولام كان غير الأول. فقوله: إن مع العسر يسرا لما أعاد العسر الثاني أعاده بأل، ولما كان اليسر الثاني غير الأول لم يعده بـ "أل".
وقال : "فإن قلت ما معنى قول الزمخشري وذكر ما تقدم. قلت: هذا عمل على الظاهر وبناء على قوة الرجاء، وأن موعد الله لا يحمل إلا على أوفى ما يحتمله اللفظ وأبلغه، والقول فيه أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تكريرا للأولى، كما كرر قوله: ابن عباس؟ ويل يومئذ للمكذبين لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، وكما يكرر المفرد في قولك:" جاء زيد زيد "وأن تكون الأولى عدة بأن [ ص: 47 ] العسر مردف بيسر لا محالة، والثانية عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر، فهما يسران على تقدير الاستئناف، وإنما كان العسر واحدا لأنه لا يخلو: إما أن يكون تعريفه للعهد وهو العسر الذي كانوا فيه فهو هو; لأن حكمه حكم " زيد " في قولك: "إن مع زيد مالا، إن مع زيد مالا" وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد فهو هو أيضا، وأما اليسر فمنكر متناول لبعض الجنس، وإذا كان الكلام الثاني مستأنفا غير مكرر فقد تناول بعضا غير البعض الأول بغير إشكال" .
وقال "العسر في الموضعين واحد; لأن الألف واللام توجب تكرير الأول، وأما " يسرا " في الموضعين فاثنان، لأن النكرة إذا أريد تكريرها جيء بضميرها أو بالألف واللام، ومن هنا قيل: أبو البقاء: وقال "لن يغلب عسر يسرين" أيضا: "فإن قلت: إن "مع" للصحبة، فما معنى اصطحاب اليسر والعسر؟ قلت: أراد أن الله تعالى يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرب اليسر المترقب حتى جعله كأنه كالمقارن للعسر، زيادة في التسلية وتقوية للقلوب" وقال أيضا: فإن قلت ما معنى هذا التنكير؟ قلت: التفخيم كأنه قيل: إن مع العسر يسرا عظيما وأي يسر؟ وهو في مصحف [ ص: 48 ] الزمخشري مرة واحدة. فإن قلت: فإذا ثبت في قراءته غير مكرر فلم قال:" ابن مسعود قلت: "كأنه قصد باليسرين ما في قوله "يسرا" من معنى التفخيم، فتأوله بـ "يسر الدارين" وذلك يسران في الحقيقة ". والذي نفسي بيده لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، لن يغلب عسر يسرين".