الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (5) قوله : فوسطن : العامة على تخفيف السين، أي: توسطن. وفي الهاء في "به" أوجه، أحدها: أنها للصبح، كما تقدم. والثاني: أنها للنقع، أي: وسطن بالنقع الجمع، أي: جعلن الغبار وسط الجمع، فالباء للتعدية، وعلى الأول هي ظرفية، الثالث: أن الباء للحالية، أي: فتوسطن ملتبسات بالنقع، أي: بالغبار جمعا من جموع الأعداء. وقيل: الباء مزيدة، نقله أبو البقاء. و "جمعا" على هذه الأوجه مفعول به. الرابع: أن المراد بـ "جمع" المزدلفة وهي تسمى جمعا. والمراد أن الإبل تتوسط جمعا الذي هو المزدلفة، كما مر عن أمير [ ص: 88 ] المؤمنين رضي الله عنه، فالمراد بالجمع مكان لا جماعة الناس، كقول صفية:


                                                                                                                                                                                                                                      4626 - . . . . . . . . . . . والعاديات غداة جمع . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      وقول بشر بن أبي خازم:


                                                                                                                                                                                                                                      4627 - فوسطن جمعهم وأفلت حاجب     تحت العجابة في الغبار الأقتم



                                                                                                                                                                                                                                      و "جمعا" على هذا منصوب على الظرف، وعلى هذا فيكون الضمير في "به" : "إما للوقت، أي: في وقت الصبح، وإما للنقع، وتكون الباء للحال، أي: ملتبسات بالنقع. إلا أنه يشكل نصب الظرف المختص إذ كان حقه أن يتعدى إليه بـ "في" . وقال أبو البقاء: "إن جمعا حال "وسبقه إليه مكي. وفيه بعد; إذ المعنى: على أن الخيل توسطت جمع الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ علي وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى بتشديد السين، وهما لغتان بمعنى واحد أعني التثقيل والتخفيف. وقال الزمخشري : [ ص: 89 ] "التشديد للتعدية والباء مزيدة للتأكيد كقوله: وأتوا به متشابها وهي مبالغة في "وسطن" انتهى. وقوله: "وهي مبالغة" يناقض قوله أولا "للتعدية" ; لأن التشديد للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولا آخر تقول: "ذبحت الغنم" مخففا ثم تبالغ فتقول: "ذبحتها" مثقلا، وهذا على رأيه قد جعله متعديا بنفسه بدليل جعله الباء مزيدة فلا يكون للمبالغة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية