[ ص: 5 ] سورة البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (2) قوله: وأنت حل بهذا البلد : فيه وجهان، أحدهما: أن الجملة اعتراضية على أحد معنيين: إما على معنى أنه تعالى أقسم بهذا البلد وما بعده على أن الإنسان خلق في كبد. واعترض بينهما بهذه الجملة، يعني ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمتك يستحل بهذا البلد كما يستحل الصيد في غير الحرم، وإما على معنى أنه أقسم ببلده على أن الإنسان لا يخلو من مقاساة الشدائد. واعترض بأن وعده فتح مكة تتميما للتسلية، فقال: وأنت حل به فيما تستقبل تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر، ف "حل" بمعنى حلال، قال معنى ذلك . ثم قال: "فإن قلت أين نظير قوله "وأنت حل" في معنى الاستقبال؟ قلت: قوله تعالى : الزمخشري إنك ميت وإنهم ميتون ومثله واسع في كلام العباد تقول لمن تعده الإكرام والحباء: أنت مكرم محبو، وهو في كلام الله تعالى أوسع; لأن الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة، [ ص: 6 ] وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال، وأن تفسيره بالحال محال، أن السورة بالاتفاق مكية، وأين الهجرة عن وقت نزولها فما بال الفتح؟ وقد ناقشه الشيخ بما لا يتجه، ورد عليه قوله الإجماع على نزولها بمكة بخلاف حكاه . ابن عطية
الثاني من الوجهين الأولين: أن الجملة حالية، أي: لا أقسم بهذا البلد وأنت حال بها لعظم قدرك، أي: لا يقسم بشيء وأنت أحق بالإقسام بك منه. وقيل: المعنى لا أقسم به وأنت مستحل فيه، أي: مستحل أذاك. وتقدم الكلام في مثل "لا" هذه المتقدمة فعل القسم.