بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (1) قوله : تبت يدا أبي لهب : أي: خسرت، وتقدم تفسير هذه المادة في سورة غافر في قوله: إلا في تباب ، وأسند الفعل إلى اليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تزاول بهما، وإن كان المراد جملة المدعو عليه. وقوله: "تبت" دعاء، و "تب" إخبار، أي: قد وقع ما دعي به عليه. كقول الشاعر:
4668 - جزاني جزاه الله شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
[ ص: 142 ] ويؤيده قراءة عبد الله "وقد تب" والظاهر أن كليهما دعاء، ويكون في هذا شبه من مجيء العام بعد الخاص; لأن اليدين بعض، وإن كان حقيقة اليدين غير مراد، وإنما عبر باليدين; لأن الأعمال غالبا تزاول بهما.
وقرأ العامة "لهب" بفتح الهاء. بإسكانها. فقيل: لغتان بمعنى، نحو النهر والنهر، والشعر والشعر، والنفر والنفر، والضجر والضجر. وقال وابن كثير : "وهو من تغيير الأعلام كقوله: "شمس ابن مالك" بالضم، يعني أن الأصل شمس بفتح الشين فغيرت إلى الضم، ويشير بذلك لقول الشاعر: الزمخشري
4669 - وإني لمهد من ثنائي فقاصد به لابن عم الصدق شمس بن مالك
وجوز الشيخ في "شمس" أن يكون منقولا من "شمس" الجمع من قوله: "أذناب خيل شمس" فلا يكون من التغيير في شيء. وكنى [ ص: 143 ] بذلك: إما لالتهاب وجنتيه، وكان مشرق الوجه أحمره، وإما لما يؤول إليه من لهب جهنم، كقولهم: أبو الخير وأبو الشر لصدورهما منه، وإما لأن الكنية أغلب من الاسم، أو لأنها أنقص منه، ولذلك ذكر الأنبياء بأسمائهم دون كناهم، أو لقبح اسمه، فإن اسمه "عبد العزى" فعدل إلى الكنية، وقال : "فإن قلت: لم كناه والكنية تكرمة؟ ثم ذكر ثلاثة أجوبة: إما لشهرته بكنيته، وإما لقبح اسمه كما تقدم، وإما لأن مآله إلى لهب جهنم ". انتهى. وهذا يقتضي أن الكنية أشرف وأكمل لا أنقص، وهو عكس قول تقدم آنفا. الزمخشري
وقرئ: "يدا أبو لهب" بالواو في مكان الجر. قال : "كما قيل: الزمخشري علي بن أبو طالب، لئلا يتغير منه شيء فيشكل على السامع ولـ ومعاوية بن أبو سفيان، "فليتة بن قاسم" أمير مكة ابنان، أحدهما: بالجر، والآخر عبد الله بالنصب" ولم يختلف القراء في قوله: عبد الله ذات لهب أنها بالفتح. والفرق أنها فاصلة فلو سكنت زال التشاكل.