ثم شرع في الركن الثاني فقال ( ) تعيينه [ ص: 72 ] بحيث يمكن مطالبته كما يشير إليه قوله لحمل هند كعلي مال لأحد هؤلاء العشرة ، بخلاف لواحد من البلد علي ألف إلا إن كانوا محصورين فيما يظهر ، ولو قال واحد منهم : أنا المعني بذلك ولي عليك ألف صدق المقر بيمينه ولو ويشترط في المقر له نزع منه : أي نزع منه ناظر بيت المال لأنه إقرار بمال ضائع وهو لبيت المال ، والأوجه تقييد ذلك بما إذا لم يدع أو تقم قرينة على أنه لقطة و ( أهلية استحقاق المقر به ) حسا وشرعا إذ الإقرار بدونه كذب ( فلو قال ) : له علي الألف الذي في هذا الكيس وليس فيه شيء أو ( لهذه الدابة علي كذا ) وأطلق ( فلغو ) أي الإقرار لانتفاء أهلية استحقاقها لعدم قابليتها للملك حالا ومآلا ، ولا يتصور منها تعاطي السبب كبيع ونحوه بخلاف الرقيق كما سيأتي . أقر بعين لمجهول كعندي مال لا أعرف مالكه لواحد من أهل البلد
نعم لو أضافه إلى سبب ممكن كإقرار بمال من نحو وصية صح كما قاله الماوردي ، ومحل البطلان كما قاله الأذرعي في المملوكة ، أما الإقرار لخيل مسبلة فالأشبه فيه الصحة كالإقرار لغيره ، ويحمل على أنه من غلة وقف عليها أو وصية لها ، وبه صرح الروياني واقتضى كلامه أنه لا خلاف فيه ( فإن ) ( وجب ) لإمكانه بسبب [ ص: 73 ] جناية عليها أو استيفاء منفعتها بإجارة أو غصب ويحمل مالكها في كلامه على مالكها حال الإقرار لأنه الظاهر ، فإن أراد غيره قبل ولو لم يقل لمالكها لم يحكم بذلك لمالكها حالا بل يراجع ويعمل بتفسيره ، وليس فيه إبهام المقر له إنما ربط إقراره بمعين هو هذه الدابة فصار المقر له معلوما تبعا فاكتفى به ، بخلاف ما مر في رجل من أهل هذه البلد لأنها وإن عينت ليست سببا للاستحقاق فلم تصلح للاستتباع ، ولو ( قال ) علي لهذه الدابة ( بسببها لمالكها ) كذا كما هو ظاهر لم يكن المقر به لسيده : أي بل يوقف ، فإن عتق فله وإن مات قنا فهو فيء ( وإن ) أقر بعين أو دين لحربي ثم استرق أو بعد الرق وأسنده لحالة الحرابة ( لزمه ) ذلك لإمكانه والخصم في ذلك ولي الحمل إذا وضع . ( قال لحمل هند كذا ) علي أو عندي ( بإرث ) من نحو أبيه ( أو وصية ) له مقبولة
نعم إن انفصل لأكثر من أربع سنين من حين الاستحقاق مطلقا أو لستة أشهر فأكثر وهي فراش لم يستحق نظير ما يأتي في الوصية ، ثم إن استحقه بوصية . فله الكل ، أو بإرث من الأب وهو ذكر فكذلك ، أو أنثى فلها النصف ، وإن ولدت ذكرا وأنثى فهو بينهما بالسوية إن أسنده إلى وصية وأثلاثا إن أسنده إلى إرث فإن اقتضت جهة ذلك التسوية كولدي أم سوي بينهما في الثلث ، وإن أطلق الإرث سألناه عن الجهة وعملنا بمقتضاها ، فإن تعذرت مراجعة المقر . قال في الروضة : فينبغي القطع بالتسوية .
قال الإسنوي : وهو متجه ( وإن أسنده إلى جهة لا تمكن في حقه ) كقوله باعني شيئا ( فلغو ) أي الإقرار للقطع [ ص: 74 ] بكذبه بذلك كذا في الروضة وقطع به في المحرر ، والذي في الشرحين فيه طريقان أصحهما للقطع بالصحة ، والثاني على القولين في تعقيب الإقرار بما يرفعه .
قال الأذرعي : وطريقة الترجيح جزم بها أكثر العراقيين ، وطريقة القطع بالصحة ذكرها المراوزة ، وما صححه النووي ممنوع ، ولم أر من قطع بإلغاء الإقرار وما عزاه للمحرر بناه على فهمه من قول المحرر وإن أسنده إلى جهة لا تمكن فهو لغو من أنه أراد فالإقرار لغو وليس مرادا بل مراده فالإسناد لغو بقرينة كلام الشرحين ا هـ .
وذكر مثله صاحب الأنوار والزركشي واستحسنه الشيخ ، هذا والمعتمد الأول ، ويوجه بأن قرينة حال المقر له ملغية للإقرار له ، وتقريره إنما يحسن عند الإطلاق دون التقييد بجهة مستحيلة ، بخلاف ألف من ثمن خمر فإنه لا قرينة في المقر له ملغية فعمل به وألغي المبطل ، وهذا معنى ظاهر يصح الاستمساك به في الفرق ، فتغليظ المصنف في فهمه ليس في محله ، وقول بعضهم ويمكن الجمع بينهما بحمل بطلان الإقرار على تقديم المنافي كله على ثمن ما باعه إلى ألف كنظيره في باعني خمرا بألف وحمل بطلان الإسناد فقط على تأخيره كله على ألف أقرضنيه كنظيره في له علي ألف من ثمن خمر غير صحيح لما فيه من تسليم كون اللاغي الإسناد لا الإقرار ، ومن المستحيل شرعا أن يقر لقن عقب عتقه بدين أو عين ، والأوجه تقييده بمن لم تعلم حرابته وملكه قبل لما مر فيه بخلاف من احتمل فيه ذلك ، وأن يثبت له دين بنحو صداق أو خلع أو جناية فيقر به لغيره عقب ثبوته لعدم احتمال جريان ناقل حينئذ ، ومن ذلك أيضا أن يقر عقب إرثه لآخر بما يخصه .