الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا ) ( أعار للبناء أو ) لغرس ( الغراس ولم يذكر مدة ) بأن أطلق ( ثم رجع ) بعد البناء والغراس ( إن كان ) المعير ( شرط القلع مجانا ) أي بلا بدل ( لزمه ) عملا بالشرط ، فإن امتنع فللمعير القلع ، ويلزم المستعير أيضا تسوية حفر إن شرطها وإلا فلا ، واحترز بمجانا عما لو شرط القلع وغرم أرش النقص . فيلزمه ، وإن ذهب جمع تبعا للنص والجمهور إلى أن الصواب حذف مجانا ، ولو اختلفا في وقوع شرط القلع بلا أرش أو معه صدق المعير خلافا لما بحثه الأذرعي كما لو اختلفا في أصل العارية ، [ ص: 137 ] لأن من صدق في شيء صدق في صفته ، وإن ذهب بعضهم إلى تصديق المستعير لأن الأصل عدم الشرط واحترام ماله ( وإلا ) بأن لم يشرط عليه القلع ( فإن اختار المستعير القلع قلع ) بلا أرش لأنه ملكه وقد رضي بنقصه ( ولا تلزمه تسوية الأرض في الأصح ) لأن الإعارة مع علم المعير بأن للمستعير أن يقلع رضا بما يحدث من القلع ( قلت : الأصح تلزمه )

                                                                                                                            التسوية ( والله أعلم ) لأنه قلع باختياره ولو امتنع منه لم يجبر عليه فيلزمه إذا قلع ردها إلى ما كانت عليه ليرد كما أخذ ، وهذا هو مرادهم بالتسوية عند إطلاقها فلا يكلف ترابا آخر لو كان ترابها لا يكفيها ، ومحله كما بحثه السبكي وغيره في حفر حاصله بالقلع ، بخلاف ما حصل في زمن العارية لأجل الغرس والبناء فإنها حدثت بالاستعمال وهذا ظاهر ، بل قال الأذرعي : إن كلام الأصحاب مصرح بهذا التفصيل ، ولو حفر زائدا على حاجة القلع لزمه الزائد جزما ( وإن لم يختر ) المستعير القلع ( لم يقلع مجانا ) لاحترامه إذ هو موضوع بحق ( بل للمعير الخيار ) لأنه المحسن ولأنه مالك الأرض التي هي الأصل ( بين أن يبقيه بأجرة ) لمثله . واستشكل مع جهالة المدة فلذا قال الإسنوي : وأقرب ما يمكن سلوكه ما مر في بيع حق البناء دائما على الأرض بعوض حال بلفظ بيع أو إجارة فينظر لما شغل من الأرض ، ثم يقال لو أجر هذا لنحو بناء دائما بحال كم يساوي ؟ فإذا قيل كذا أوجبناه ، وعليه فالأوجه أن له إبدال ما قلع لأنه بذلك التقدير ملك منفعة الأرض على الدوام لأن المالك لما [ ص: 138 ] رضي بالأجرة وأخذها كان كأنه آجره الآن إجارة مؤبدة ( أو يقلع ) أو يهدم البناء وإن وقف مسجدا خلافا لما نقل عن ابن الرفعة أنه يتعين إبقاؤه بالأجرة ( ويضمن أرش نقصه ) وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا كما في الكفاية ، ولا بد من ملاحظة كونه مستحق الأخذ لنقص قيمته حينئذ كما ذكره العمراني ،

                                                                                                                            والظاهر كما قاله ابن الرفعة أن مؤنة القلع على صاحب البناء ، والغراس كالإجارة حيث يجب فيها ذلك على المستأجر ، أما أجرة نقل النقض فعلى مالكه قطعا ، ولو أراد تملك البعض وإبقاء البعض بالأجرة أو القلع بالأرش وإبقاء البعض فالأوجه كما بحثه الزركشي عدم إجابته لكثرة الضرر على المستعير ، إذ ما جاز فيه التخيير لا يجوز تبعيضه كالكفارة ( قيل أو يتملكه ) بعقد مشتمل على إيجاب وقبول ولا يلحق بالشفيع كما قال الإسنوي إنه يؤخذ من كلام الرافعي ( بقيمته ) حال التملك مستحق القلع وهو الأصح كنظائره من الشفعة وغيرها ، ومن ثم قيل إنهما جزما به في مواضع ، وجرى عليه جمع متأخرون ، ولم يعتمدوا ما في الروضة هنا من تخصيص التخيير بالتملك والقلع ولا ما في الكتاب فالمعتمد تخييره بين الأمور الثلاثة ، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك . قال الرافعي في باب الهبة في رجوع الأب في هبته : إنه يتخير بين الأمور الثلاثة كالعارية ، وأيضا فيستفاد اعتماد ذلك من مجموع ما صححه المصنف في الروضة والكتاب ، وقد يتعين الأول بأن بنى أو غرس شريك بإذن شريكه ثم رجع كما نقلاه عن المتولي وأقراه ، فإن لم يرض بها أعرض عنها كما يأتي خلافا لابن الصلاح ، ومحل التخيير بين الثلاثة إذا لم يوقف وإلا تخير بين الأولين وامتنع الثالث .

                                                                                                                            وإذا لم توقف الأرض ، فإن وقفت لم يقلع بالأرش إلا إذا كان أصلح للوقف من التبقية بالأجرة ولم يتملك بالقيمة إلا إذا كان الواقف شرط جواز تحصيل مثلها من ريعه ، وبذلك أفتى ابن الصلاح في نظيره من الإجارة .

                                                                                                                            وظاهر ما تقرر أن التبقية بالأجرة تأتي في هذه الحالة حتى على ما مر عن الشيخين . وبحث في الإسعاد أن المعير [ ص: 139 ] لو كان ناظرا لم يتعذر عليه التملك لنفسه ، ثم بعد انتقال الاستحقاق في الأرض لغيره ممن ليس وارثا له يبقى بأجرة المثل . ويمكن رده بأن التملك بالقيمة إنما هو تبع لملك الأرض ، فحيث انتفى ملكها لوقفيتها امتنع على الناظر التملك وإنما جاز التملك من ريع الوقف لأنه يصير بذلك وقفا تبعا للأرض ، وإذا لم يكن على الغراس ثمر لم يبد صلاحه وإلا لم يتخير إلا بعد الجذاذ كما في الزرع لأن له أمدا ينتظر ، قاله القاضي وغيره . قال الإسنوي : لكن المنقول في نظيره من الإجارة التخيير ، فإن اختار التملك ملك الثمرة أيضا إن كانت غير مؤبرة وأبقاها إلى الجذاذ إن كانت مؤبرة ، وإذا اختار ما له اختياره لزم المستعير موافقته ، فإن أبى كلف تفريغ الأرض مجانا لتقصيره ( فإن لم يختر ) المستعير شيئا مما ذكر ( لم يقلع مجانا ) فيمتنع عليه ذلك ( إن بذل ) بالمعجمة : أي أعطى ( المستعير الأجرة ) لانتفاء الضرر ( وكذا إن لم يبذلها في الأصح ) لتقصير المعير بترك الاختيار مع رضاه بإتلاف منافعه ، والثاني يقلع لأنه بعد الرجوع لا يجوز الانتفاع بماله مجانا ( ثم ) عليه ( قيل يبيع الحاكم الأرض وما فيها ) من بناء وغراس ( ويقسم بينهما ) ويجوز بيعهما بثمن واحد للضرورة فيوزع الثمن على قيمة الأرض مشغولة بالغراس أو البناء وعلى قيمة ما فيها وحده ، فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير كذا جزم به ابن المقري ، وجزم به صاحب الأنوار والحجازي وقدم المصنف في الروضة كلام المتولي القائل بالتوزيع كما في الرهن ( والأصح أنه ) أي الحاكم ( يعرض عنهما حتى يختارا شيئا ) أي يختار المعير ما له اختياره ويوافقه عليه المستعير قطعا للنزاع بينهما ، وقوله يختار ; المحكي عن خطه هنا وعن أصله وأكثر نسخ الشارحين قد ينافيه إسقاط الألف من خطه في الروضة ، وصحح عليه واستحسنه السبكي وصوبه الإسنوي لأن اختيار المعير كاف في فصل الخصومة مع أنه مع حذف الألف يصح الإسناد لأحدهما الشامل للمستعير ، لأنه إذا اختار ما له اختياره كالقلع مجانا تنفصل أيضا . وأيضا فالمعير وإن كان [ ص: 140 ] هو الأصل لكن لا يتم الأمر عند اختيار غير الثلاث إلا بموافقة المستعير كما قررناه فصح الإسناد إليهما ، ثم فرع على الإعراض عنهما حتى يختارا فقال :

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ثم رجع بعد البناء والغراس ) بقي ما لو رجع قبلهما فليس له فعلهما ، قال في الروض : فإن فعل عالما أو جاهلا برجوعه قلع مجانا وكلف تسوية الأرض ا هـ . ولا يبعد أن تلزمه الأجرة وهو ظاهر عند العلم بالرجوع ا هـ سم على حج ( قوله : إن كان المعير شرط القلع مجانا ) أي أو سكت عن ذكر مجانا فيلزمه القلع في الصورتين بلا أرش كما أفهمه قوله واحترز بمجانا عما لو شرط القلع وغرم أرش النقص .

                                                                                                                            ( قوله : وإلا فلا ) دخل فيه ما لو اختار المعير القلع وطلبه من المستعير ففعله فلا يلزمه تسوية الحفر لأنه لم يفعله اختيارا ( قوله : عما لو شرط ) أي المعير [ ص: 137 ] قوله : لأن من صدق في شيء صدق في صفته ) ويمكن أن يفرق بين هذا وبين ما تقدم فيما لو اختلفا في حصول التلف بالاستعمال حيث صدق المستعير ثم على المعتمد بأن ما ادعاه المعير هنا راجع للعقد وهو لو ادعى عدمه صدق ، بخلاف ما تقدم فإن التلف ليس من صفات العقد فرجح جانب المستعير فإن الأصل عدم ضمانه ويؤخذ هذا من قول الشارح لأن من صدق في شيء إلخ ( قوله : فيلزمه إذا قلع ردها إلى ما كانت عليه ) أي بأن يعيد الأجزاء التي انفصلت منها فقط ( قوله : لو كان ترابها لا يكفيها ) أي فلا تلزمه إعادته ( قوله : لزمه الزائد ) أي طمه وأرش نقصه إن نقص .

                                                                                                                            ( قوله : بين أن يبقيه بأجرة ) هل يتوقف ذلك على عقد إيجار من إيجاب وقبول أم يكفي مجرد اختيار المعير فتلزمه بمجرد الوجه الجاري على القواعد أنه لا بد من عقد إيجار ، ثم رأيت الشارح بسط الكلام عليه في فتوى واستدل من كلامهم بما هو ظاهر فيه . وقد يقال إن عقد فلا كلام وإلا وجبت أجرة المثل ا هـ سم على حج . لكن قول الشارح لأنه بذلك التقدير ملك منفعة الأرض قد يخالفه ، فإن قوله لأن المالك لما رضي بالأجرة وأخذها كان كأنه أجره ظاهر في أنه لم يجر بينهما عقد . ويمكن الجواب بأنه لا مخالفة لاختصاص قوله لأن المالك لما رضي إلخ بما صور به من جريان عقد بينهما وكتب أيضا بين أن يبقيه بأجرة لو أراد المعير أن يسكن في بناء المستعير ويدفع له أجرته لم تلزمه موافقته لما فيه من الحجر عليه في ملكه ( قوله : وعليه ) أي قول الإسنوي وأقرب ما يمكن إلخ ( قوله : فالأوجه أن له إبدال ما قلع ) هو ظاهر بناء على ما صور به ، وتقدم عن ع في باب الصلح أن من طرق التبعية [ ص: 138 ] بالأجرة أن يتوافقا على تركه كل شهر بكذا ، ويغتفر ذلك للحاجة كالخراج المضروب على الأرض ، وعليه فلو قلع غراسه أو سقط بناؤه ليس له إعادته لأنه لا يستحق المنفعة وإنما يجبره عليه أجرة ما استوفاه ، وكتب أيضا لطف الله به قوله فالأوجه أن له إبدال ما قلع : أي ولو من غير الجنس حيث لم يزد ضرره عن الأول ( قوله : كأنه آجره الآن ) أي أوقع في الزمن الحاضر إجارة إلخ ( قوله : وإن وقف مسجدا ) أي وينبغي إن بنى بأنقاضه مسجدا آخر إن أمكن على ما يأتي نظيره في الوقف فيما لو انهدم مسجد وتعذرت إعادته ( قوله : مستحق الأخذ ) أي القلع ( قوله : ولو أراد ) أي المعير ( قوله وإبقاء البعض ) أي بأجرة ، وقضية قوله إذ ما جاز فيه التخيير إلخ امتناع تملك البعض وقلع البعض مع أرش نقصه ، ويمكن شمول قوله وإبقاء البعض للصورتين ( قوله : ولا يلحق بالشفيع ) أي في الأخذ قهرا من غير عقد ( قوله : فالمعتمد تخييره بين الأمور الثلاثة ) ع قال البغوي : إذا اشترى شراء فاسدا وبنى أو غرس فالحكم كما هنا ا هـ سم على منهج ، وقد تقدم في الشرح أن حكمه حكم الغصب فيقلع مجانا .

                                                                                                                            ( قوله : إذا لم يوقف ) أي البناء أو الغراس ( قوله وإلا تخير بين الأولين ) وهما التبقية بالأجرة والقلع وغرامة الأرش ( قوله : من التبقية بالأجرة ) وهي من الريع ثم من بيت المال ا هـ عباب : أي فإن لم يكن في بيت المال شيء أو منع متوليه فعلى مياسير المسلمين ، كذا نقل عن شيخنا الشوبري ، وفيه وقفة بأن مياسير المسلمين إنما يلزمون بالضروري دون غيره وهذا لا ضرورة إليه ( قوله : على ما مر ) لم يتقدم له شيء عنهما فانظره ( قوله وبحث في الإسعاد أن المعير إلخ ) [ ص: 139 ] يتأمل جواز الإعارة من الناظر إذ لا يباح له التبرع بالمنفعة فلا تجوز إعارته . وقد يقال : يمكن تصويره بما لو كان مالكا للأرض فأعارها ثم وقفها وشرط النظر لنفسه ثم رجع ، أو أن الوقف انحصر في الناظر فكان له التصرف فيه استحقاقا ونظرا ( قوله : ويمكن رده ) معتمد ( قوله : وإنما جاز ) مستأنف ( قوله : وإذا لم يكن على الغراس ثمر إلخ ) عطف على قوله إذا لم يوقف وإلا تخير إلخ ( قوله : كما في الزرع ) قضيته أنه إذا أعار أرضا للزراعة ثم رجع قبل أوان الحصاد يتخير بعد إدراكه ، وهو مخالف لقول المصنف الآتي وإذا أعار أرضا للزراعة فرجع إلخ ، فإنه صريح في عدم التأخير وأنه تجب عليه التبقية بالأجرة ، وقيل له القلع : أي حالا ، وقيل يتملك بالقيمة كذلك ا هـ . ففي التشبيه مسامحة . ويمكن أن يقال : أي كما يمتنع القلع حالا في الزرع ( قوله لكن المنقول في نظيره من الإجارة التخيير ) أي في الحال ، ونقل سم على منهج عن الشارح اعتماده ا هـ ( قوله : وأبقاها إلى الجذاذ ) وينبغي وجوب الأجرة كما في الزرع ( قوله : أي أعطى ) أي التزم ذلك وليس المراد دفعها بالفعل فيما يظهر ( قوله : ويجوز بيعهما إلخ ) مستأنف وليس مفرعا على قوله قيل إلخ ( قوله : كما جزم به ابن المقري ) معتمد ( قوله : تنفصل أيضا ) [ ص: 140 ] أي الخصومة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولو اختلفا في وقوع شرط القلع ) هذا هو محل الاختلاف أي بأن قال المعير : شرطنا القلع والمستعير [ ص: 137 ] لم نشرطه ، وأما قوله : بلا أرش أو معه فهو تعميم في الحكم : أي سواء ذكرا مع ذلك اشتراط الأرش أو لا ، لكن قوله : وإن ذهب بعضهم إلخ موهم ; لأن هذا البعض هو الأذرعي والتعليل له ، وفي النسخ بدل قوله خلافا لما بحثه الأذرعي ما نصه : كما بحثه الأذرعي ، وهو موافق لما في التحفة ، لكن الموجود في كلام الأذرعي اختيار تصديق المستعير ، وعبارته : ولو اختلفا في وقوع شرط القلع فالظاهر تصديق المستعير إذ الأصل عدمه واحترام ماله ولم أره نصا انتهت .

                                                                                                                            ( قوله : ولو امتنع منه لم يجبر عليه ) لا ينافيه قوله : الآتي وإذا اختار ما له اختياره لزم المستعير موافقته ، فإن أبى كلف تفريغ الأرض مجانا لتقصيره ; لأن ذاك في امتناعه بعد اختيار المعير وهذا في امتناعه قبل الاختيار ( قوله : بخلاف ما حصل في زمن العارية لأجل الغرس إلخ ) أي : فالذي حفره وغرس فيه أو بنى إذا ظهر بعد ذلك [ ص: 138 ] لا تلزمه تسويته ، بخلاف ما اتسع عليه بسبب القلع . ( قوله : كأنه آجره ) صريح في أنه لا يحتاج هنا إلى عقد ، ولعل الفرق بينه وبين ما مر في البيع أن هناك ابتداء انتفاع فلا يجوز من غير عقد ، بخلاف ما هنا فهو دوام انتفاع كان ابتداؤه بعقد العارية . ( قوله : إذ ما جاز إلخ ) هو علة ثانية للحكم كما لا يخفى فكان ينبغي فيه العطف ( قوله : في هذه الحالة ) [ ص: 139 ] أي فيما إذا وقفت الأرض ، وقوله : ما مر عن الشيخين : أي من تخصيص التخيير بالقلع ، والتملك وإن عزاه هو فيما مر إلى الروضة فقط : أي فمحل منع الإبقاء بالأجرة على ما في الروضة إذا لم توقف الأرض . ( قوله : وإنما جاز التملك ) جواب عما يرد على الرد المذكور . ( قوله : ثم عليه ) يعني على الأصح وكان الأولى الإظهار ( قوله : وقدم المصنف في الروضة كلام المتولي ) أي قدم حكايته على حكاية مقابله الذي هو قول البغوي المتقدم هنا . ( قوله : ما له اختياره ) يعني من غير الثلاث المارة كما يعلم مما سيأتي عن التحفة من قولها وأما الثاني إلخ ، ويعينه قول الشارح الآتي كما قررناه على ما سيأتي فيه ( قوله : لأن اختيار المعير كاف في فصل الخصومة ) الظاهر أن هنا سقطا في نسخ [ ص: 140 ] الشارح ، وعبارة التحفة بعد ما ذكر نصها : ورجح الأذرعي إثباتها ; لأنه الموافق لتعبير جمع بأنه يقال لهما انصرفا حتى تصطلحا على شيء ; ولأنه قد يختار المعير ما لا يجبر عليه المستعير ولا يوافقه كلام الأذرعي ا هـ .

                                                                                                                            والوجه صحة كل من التعبيرين ، أما الأول فلأن المعير هو المخير أولا فصح إسناد الاختيار إليه وحده ، وقد صرح ابن الرفعة وغيره بأنه إذا عاد وطلب شيئا من الخصال الثلاث أجيب كالابتداء ، وإن اختار شيئا من غير الثلاث ووافقه المستعير انفصل الأمر وإلا استمر الإعراض عنهما مع أنه مع حذف الألف يصح الإسناد لأحدهما الشامل للمستعير ; لأنه إذا اختار ما له اختياره كالقلع مجانا انفصلت الخصومة أيضا . وأما الثاني ; فلأن المعير وإن كان هو الأصل إلى آخر ما سيأتي في الشارح إلا قوله كما قررناه فتأمله لتعلم ما في نسخ الشارح من السقط .




                                                                                                                            الخدمات العلمية