( وإذا ) ( إن كان ) المعير ( شرط القلع مجانا ) أي بلا بدل ( لزمه ) عملا بالشرط ، فإن امتنع فللمعير القلع ، ويلزم المستعير أيضا تسوية حفر إن شرطها وإلا فلا ، واحترز بمجانا عما لو شرط القلع وغرم أرش النقص . فيلزمه ، وإن ذهب جمع تبعا للنص والجمهور إلى أن الصواب حذف مجانا ، ولو اختلفا في وقوع شرط القلع بلا أرش أو معه صدق المعير خلافا لما بحثه ( أعار للبناء أو ) لغرس ( الغراس ولم يذكر مدة ) بأن أطلق ( ثم رجع ) بعد البناء والغراس الأذرعي كما لو اختلفا في أصل العارية ، [ ص: 137 ] لأن من صدق في شيء صدق في صفته ، وإن ذهب بعضهم إلى تصديق المستعير لأن الأصل عدم الشرط واحترام ماله ( وإلا ) بأن لم يشرط عليه القلع ( فإن اختار المستعير القلع قلع ) بلا أرش لأنه ملكه وقد رضي بنقصه ( ولا تلزمه تسوية الأرض في الأصح ) لأن الإعارة مع علم المعير بأن للمستعير أن يقلع رضا بما يحدث من القلع ( قلت : الأصح تلزمه )
التسوية ( والله أعلم ) لأنه قلع باختياره ولو امتنع منه لم يجبر عليه فيلزمه إذا قلع ردها إلى ما كانت عليه ليرد كما أخذ ، وهذا هو مرادهم بالتسوية عند إطلاقها فلا يكلف ترابا آخر لو كان ترابها لا يكفيها ، ومحله كما بحثه السبكي وغيره في حفر حاصله بالقلع ، بخلاف ما حصل في زمن العارية لأجل الغرس والبناء فإنها حدثت بالاستعمال وهذا ظاهر ، بل قال الأذرعي : إن كلام الأصحاب مصرح بهذا التفصيل ، ولو حفر زائدا على حاجة القلع لزمه الزائد جزما ( وإن لم يختر ) المستعير القلع ( لم يقلع مجانا ) لاحترامه إذ هو موضوع بحق ( بل للمعير الخيار ) لأنه المحسن ولأنه مالك الأرض التي هي الأصل ( بين أن يبقيه بأجرة ) لمثله . واستشكل مع جهالة المدة فلذا قال الإسنوي : وأقرب ما يمكن سلوكه ما مر في بيع حق البناء دائما على الأرض بعوض حال بلفظ بيع أو إجارة فينظر لما شغل من الأرض ، ثم يقال لو أجر هذا لنحو بناء دائما بحال كم يساوي ؟ فإذا قيل كذا أوجبناه ، وعليه فالأوجه أن له إبدال ما قلع لأنه بذلك التقدير ملك منفعة الأرض على الدوام لأن المالك لما [ ص: 138 ] رضي بالأجرة وأخذها كان كأنه آجره الآن إجارة مؤبدة ( أو يقلع ) أو يهدم البناء وإن وقف مسجدا خلافا لما نقل عن ابن الرفعة أنه يتعين إبقاؤه بالأجرة ( ويضمن أرش نقصه ) وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا كما في الكفاية ، ولا بد من ملاحظة كونه مستحق الأخذ لنقص قيمته حينئذ كما ذكره العمراني ،
والظاهر كما قاله ابن الرفعة أن مؤنة القلع على صاحب البناء ، والغراس كالإجارة حيث يجب فيها ذلك على المستأجر ، أما أجرة نقل النقض فعلى مالكه قطعا ، ولو أراد تملك البعض وإبقاء البعض بالأجرة أو القلع بالأرش وإبقاء البعض فالأوجه كما بحثه الزركشي عدم إجابته لكثرة الضرر على المستعير ، إذ ما جاز فيه التخيير لا يجوز تبعيضه كالكفارة ( قيل أو يتملكه ) بعقد مشتمل على إيجاب وقبول ولا يلحق بالشفيع كما قال الإسنوي إنه يؤخذ من كلام الرافعي ( بقيمته ) حال التملك مستحق القلع وهو الأصح كنظائره من الشفعة وغيرها ، ومن ثم قيل إنهما جزما به في مواضع ، وجرى عليه جمع متأخرون ، ولم يعتمدوا ما في الروضة هنا من تخصيص التخيير بالتملك والقلع ولا ما في الكتاب فالمعتمد تخييره بين الأمور الثلاثة ، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك . قال الرافعي في باب الهبة في رجوع الأب في هبته : إنه يتخير بين الأمور الثلاثة كالعارية ، وأيضا فيستفاد اعتماد ذلك من مجموع ما صححه المصنف في الروضة والكتاب ، وقد يتعين الأول بأن بنى أو غرس شريك بإذن شريكه ثم رجع كما نقلاه عن المتولي وأقراه ، فإن لم يرض بها أعرض عنها كما يأتي خلافا ، ومحل التخيير بين الثلاثة إذا لم يوقف وإلا تخير بين الأولين وامتنع الثالث . لابن الصلاح
وإذا لم توقف الأرض ، فإن وقفت لم يقلع بالأرش إلا إذا كان أصلح للوقف من التبقية بالأجرة ولم يتملك بالقيمة إلا إذا كان الواقف شرط جواز تحصيل مثلها من ريعه ، وبذلك أفتى في نظيره من الإجارة . ابن الصلاح
وظاهر ما تقرر أن التبقية بالأجرة تأتي في هذه الحالة حتى على ما مر عن الشيخين . وبحث في الإسعاد أن المعير [ ص: 139 ] لو كان ناظرا لم يتعذر عليه التملك لنفسه ، ثم بعد انتقال الاستحقاق في الأرض لغيره ممن ليس وارثا له يبقى بأجرة المثل . ويمكن رده بأن التملك بالقيمة إنما هو تبع لملك الأرض ، فحيث انتفى ملكها لوقفيتها امتنع على الناظر التملك وإنما جاز التملك من ريع الوقف لأنه يصير بذلك وقفا تبعا للأرض ، وإذا لم يكن على الغراس ثمر لم يبد صلاحه وإلا لم يتخير إلا بعد الجذاذ كما في الزرع لأن له أمدا ينتظر ، قاله القاضي وغيره . قال الإسنوي : لكن المنقول في نظيره من الإجارة التخيير ، فإن اختار التملك ملك الثمرة أيضا إن كانت غير مؤبرة وأبقاها إلى الجذاذ إن كانت مؤبرة ، وإذا اختار ما له اختياره لزم المستعير موافقته ، فإن أبى كلف تفريغ الأرض مجانا لتقصيره ( فإن لم يختر ) المستعير شيئا مما ذكر ( لم يقلع مجانا ) فيمتنع عليه ذلك ( إن بذل ) بالمعجمة : أي أعطى ( المستعير الأجرة ) لانتفاء الضرر ( وكذا إن لم يبذلها في الأصح ) لتقصير المعير بترك الاختيار مع رضاه بإتلاف منافعه ، والثاني يقلع لأنه بعد الرجوع لا يجوز الانتفاع بماله مجانا ( ثم ) عليه ( قيل يبيع الحاكم الأرض وما فيها ) من بناء وغراس ( ويقسم بينهما ) ويجوز بيعهما بثمن واحد للضرورة فيوزع الثمن على قيمة الأرض مشغولة بالغراس أو البناء وعلى قيمة ما فيها وحده ، فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير كذا جزم به ابن المقري ، وجزم به صاحب الأنوار والحجازي وقدم المصنف في الروضة كلام المتولي القائل بالتوزيع كما في الرهن ( والأصح أنه ) أي الحاكم ( يعرض عنهما حتى يختارا شيئا ) أي يختار المعير ما له اختياره ويوافقه عليه المستعير قطعا للنزاع بينهما ، وقوله يختار ; المحكي عن خطه هنا وعن أصله وأكثر نسخ الشارحين قد ينافيه إسقاط الألف من خطه في الروضة ، وصحح عليه واستحسنه السبكي وصوبه الإسنوي لأن اختيار المعير كاف في فصل الخصومة مع أنه مع حذف الألف يصح الإسناد لأحدهما الشامل للمستعير ، لأنه إذا اختار ما له اختياره كالقلع مجانا تنفصل أيضا . وأيضا فالمعير وإن كان [ ص: 140 ] هو الأصل لكن لا يتم الأمر عند اختيار غير الثلاث إلا بموافقة المستعير كما قررناه فصح الإسناد إليهما ، ثم فرع على الإعراض عنهما حتى يختارا فقال :