لانتفاء قيمتها كسائر النجاسات ، ومثل ذلك الدهن والماء فيما يظهر ، ومراده بالخمر ما يشمل النبيذ . قال ( ولا تضمن الخمر ) ولو محترمة لذمي الماوردي : إلا أنه لا يريقه إلا بأمر حاكم مجتهد لئلا يتوجه عليه الغرم عند بعض الأئمة ; فإنه عند مال وظاهر كما أفاده أبي حنيفة الشيخ أن الحاكم المقلد لمن يرى إراقته كالمجتهد في ذلك ، ولا نظر هنا لكون من هو له يعتقد حله أو حرمته ، خلافا لما يوهمه كلام الأذرعي لأن ذلك إنما هو بالنسبة لوجوب الإنكار لما يأتي أنه إنما يكون في مجمع عليه أو ما يعتقد الفاعل تحريمه ، وقد قال المصنف : الحشيشة مسكرة ، فعليه يتجه إلحاقها بالخمر في عدم الضمان كما قاله الإسنوي وغيره ، وما نظر به فيه من أنها طاهرة يصح بيعها فيحمل على ما إذا فوتها على مريد أكلها وانحصر تفويتها في إتلافها ، يرد بأن الشارع متشوف لإتلاف المسكر فانتفى الضمان فيها حينئذ ( ولا تراق ) هي فبقية المسكرات ( أولى على ذمي ) ومثله معاهد ومؤمن فيما يظهر لأنهم مقرون على الانتفاع بها بمعنى أنهم لا يتعرض لهم فيه ( إلا أن يظهر شربها أو بيعها ) أو هبتها أو نحو ذلك ولو من مثله بأن يطلع [ ص: 168 ] عليه من غير تجسس فتراق عليه ، وآلة اللهو والخنزير مثلها في ذلك . قال الإمام : وبأن يسمع الآلة من ليس في دارهم : أي محلتهم ، ومحله حيث كانوا بين أظهرنا وإن انفردوا بمحلة من البلد ، فإن انفردوا ببلد : أي بأن لم يخالطهم مسلم كما هو ظاهر لم نتعرض لهم ( وترد عليه ) عند أخذها ولم يظهرها ( إن بقيت العين ) لإقراره عليها ، ومؤنة ردها على الغاصب كما في الروضة كأصلها وإن نوزع فيه ( وكذا المحترمة ) وهي التي عصرت لا بقصد الخمرية فشمل ما لو لم يقصد شيئا على الأصح ، أو قصد الخلية أو شرب عصيرها أو طبخه دبسا ، أو انتقلت له بنحو هبة أو إرث أو وصية ممن جهل قصده ، أو عصرها من لا يصح قصده في العصر كصبي ومجنون ، أو قصد الخمرية ثم مات ، أو عصرها كافر للخمر ثم أسلم . والاتخاذ يكون في الابتداء بشرط أن لا يطرأ بعده قصد يفسده ، فلو طرأ قصد الخمرية زال الاحترام وعكسه بالعكس . وقولهم على الغاصب إراقة الخمر محمول على ما لو كانت بقصد الخمرية لعدم احترامها وإلا فلا يجوز له إراقتها وإن قال ابن العماد : إن وجوب إراقتها ظاهر متجه ، لأن العصير لما انقلب عند الغاصب لزمه مثله ، وانتقل حق المالك من العصير الذي قد صار خمرا ولم يوجد من الغاصب قصد صحيح يجب ردها ما دامت العين باقية إذ له إمساكها لتصير خلا ، أما غير المحترمة وهي ما عصر بقصد الخمرية فتراق ولا ترد عليه ، ومن ( إذا غصبت من مسلم ) لم يقبل منه كما نقله أظهر خمرا وزعم أنها خمر خل الإمام عن طوائف ، وإلا لاتخذ الفساق ذلك وسيلة إلى إفشاء الخمور وإظهارها . نعم لو كان معلوم الورع مشهور التقوى قبل منه ، ويؤيده قول الإمام لو شهدت مخايل أنها محترمة لم يتعرض لها .