( وتضمن منفعة الدار والعبد ونحوهما ) من كل منفعة يستأجر عليها ( بالتفويت ) بالاستعمال ( والفوات ) وهو ضياع المنفعة من غير انتفاع كإغلاق الدار ( في يد عادية ) لأن المنافع متقومة فضمنت بالغصب كالأعيان ، سواء أكان مع ذلك أرش نقص أم لا كما يأتي ، فلو كان للمغصوب أجرة متفاوتة في المدة ضمن كل مدة بما يقابلها ، ولا يتأتى هنا أقصى لانفصال واجب كل مدة باستقراره في الذمة عما قبله وما بعده بخلاف القيمة ، وتوهم بعضهم استواءهما في اعتبار الأقصى ، فإن كان له صنائع وجب أجرة أعلاها إن لم يمكن جمعها ، وإلا فأجرة الجميع كخياطة وحراسة وتعليم قرآن ، أما ما لا منفعة له أو كانت مما لا يجوز استئجاره لها كحبة حنطة وكلب وآلة لهو فلا أجرة له . ولو اصطاد الغاصب به فهو له كما لو اصطاد بشبكة أو قوس غصبهما ونصبهما لأنه آلة فقط ، بخلاف ما لو غصب رقيقا واصطاد له فإنه يضمن صيده إن وضع يده عليه لأنه على ملك مالكه وأجرته أيضا إذ ربما استعمله مالكه في غير ذلك ، ولو أتلف ولد دابة تحلب فانقطع لبنها بسببه لزمه مع قيمته أرش نقصها وهو ما بين قيمتها حلوبا وقيمتها ولا لبن فيها ، ولو غصب برا قيمته خمسون فطحنه فصارت عشرين فخبزه فصارت خمسين فأتلفه لزمه ثمانون ، ولا يجبر النقص الحاصل بالطحن بزيادة الخبز لأن صفة الطحن غير صفة الخبز ، كما لو غصب ذا حرفة فنسيها ثم علمه حرفة أخرى .

( وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا ) مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا ( بِالتَّفْوِيتِ ) بِالِاسْتِعْمَالِ ( وَالْفَوَاتُ ) وَهُوَ ضَيَاعُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ كَإِغْلَاقِ الدَّارِ ( فِي يَدٍ عَادِيَةٍ ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ فَضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ نَقْصٍ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي ، فَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ كُلَّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اسْتِوَاءَهُمَا فِي اعْتِبَارِ الْأَقْصَى ، فَإِنْ كَانَ لَهُ صَنَائِعُ وَجَبَ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهَا ، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْجَمِيعِ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ ، أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ أَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لَهَا كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَلْبٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ . وَلَوْ اصْطَادَ الْغَاصِبُ بِهِ فَهُوَ لَهُ كَمَا لَوْ اصْطَادَ بِشَبَكَةٍ أَوْ قَوْسٍ غَصَبَهُمَا وَنَصَبَهُمَا لِأَنَّهُ آلَةٌ فَقَطْ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ رَقِيقًا وَاصْطَادَ لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ صَيْدَهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَأُجْرَتَهُ أَيْضًا إذْ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ مَالِكُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ دَابَّةٍ تُحْلَبُ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا بِسَبَبِهِ لَزِمَهُ مَعَ قِيمَتِهِ أَرْشُ نَقْصِهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَقِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ فِيهَا ، وَلَوْ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ فَصَارَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ فَصَارَتْ خَمْسِينَ فَأَتْلَفَهُ لَزِمَهُ ثَمَانُونَ ، وَلَا يُجْبَرُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالطَّحْنِ بِزِيَادَةِ الْخُبْزِ لِأَنَّ صِفَةَ الطَّحْنِ غَيْرُ صِفَةِ الْخُبْزِ ، كَمَا لَوْ غَصَبَ ذَا حِرْفَةٍ فَنَسِيَهَا ثُمَّ عَلَّمَهُ حِرْفَةً أُخْرَى .

التالي السابق

عرض الحاشية

حاشية الشبراملسي

( قوله وتوهم بعضهم استواءهما ) أي الأجرة والقيمة ( قوله : تحلب ) بضم اللام ا هـ مختار ( قوله : مع قيمته ) أي الولد

حاشية المغربي

[ ص: 170 ] قوله : كحبة حنطة ) عبارة التحفة كحب ولعلها أولى لإيهام هذه أن عدم الأجرة لحقارة الحبة ، وكأن الشارح عدل عنها لقول الشهاب سم : وما المانع من صحة استئجار الحب لتزيين نحو الحانوت ( قوله : لزمه ثمانون ) أي : ثلاثون [ ص: 171 ] بالنقص وخمسون بالتلف