ولو كان كالهالك كما قاله غصب ورقا وكتب عليه قرآنا أو غيره ابن الصباغ ، واعتمده الوالد رحمه الله لأنه لا يمكن رده بحاله خلافا لمن ذهب إلى أنه كالصبغ فيما مر ، والطريق الثاني قولان : أحدهما ما مر والثاني يشتركان في المخلوط وللمغصوب منه قدر حقه من المخلوط ( وللغاصب أن يعطيه ) أي المالك وإن أبى ( من غير المخلوط ) لانتقال الحق إلى ذمته ، ولما مر من أن المختلط صار كالهالك ومن المخلوط إن خلطه له أو أجود مطلقا أو بأردأ إن رضي ، والقول بأن الغاصب ليس أولى من المالك بملك الكل بل الهالك أولى به لانتفاء تعديه ممنوع ، إذ المغصوب لما تعذر رد عينه لمالكه بسبب يقتضي شغل ذمة الغاصب به لتعديه مع تمكين المالك من أخذ بدله حالا جعل كالهالك للضرورة ، وذلك غير موجود في المالك لعدم تعد يقتضي ضمان ما للغاصب ، فلو ملك الكل لم يلزمه رد شيء وبفرض لزومه لا يلزمه الفور ففيه حيف ظاهر ، وقد يوجد الملك مع انتفاء الرضا للضرورة كأخذ مضطر طعام غيره قهرا عليه لنفسه أو لدابته ، وليس إباق الرقيق كالخلط حتى يملكه الغاصب لرجاء عوده فلزمه قيمته للحيلولة ولا ضرورة لكونها للفيصولة ، وإنما لم يرجحوا قول الشركة لأنه صار مشاعا ففيه تملك كل حق الآخر بغير إذنه أيضا ، بخلاف ما إذا علقنا حقه بالذمة فيتصرف فيه حالا بحوالة أو نحوها ، ولهذا صوب الزركشي قول الهلاك .
قال : ويندفع المحذور بمنع الغاصب [ ص: 189 ] من التصرف فيه وعدم نفوذه منه .
حتى يدفع البدل كما مر ، وإذا كان المالك لو ملكه ذلك بعوض لم يتصرف حتى رضي بذمته ، فمع عدم رضاه بالأولى قال بعضهم : كيف يستبعد القول بالملك وهو موجود في المذاهب الأربعة بل اتسعت دائرته عند الحنفية والمالكية