( وصيغتها ) أي المساقاة صريحة وكناية ، فمن صرائحها ( ساقيتك على هذا النخل ) أو العنب ( بكذا ) من الثمرة لأنه الموضوع لها ( أو سلمته إليك لتتعهده ) أو اعمل عليه أو تعهده بكذا لأداء كل من هذه الثلاثة معنى الأولى ، ومن ثم اعتمد ابن الرفعة صراحتها وهو ظاهر كلامهم ، وإن اعتمد الأذرعي والسبكي أنها كناية ، وأفهم تعبيره بكذا اعتبار ذكر العوض ، فلو سكت عنه لم يصح ، وفي استحقاقه الأجرة وجهان أوجههما نعم ، ولو ساقاه بلفظ الإجارة لم تصح على الأصح في الروضة وكذا عكسه ، وقول الإسنوي إنه مشكل مخالف للقواعد . فإن الصريح في بابه إنما يمتنع أن يكون كناية في غيره إذا وجد نفاذا في موضوعه كقوله لزوجته أنت علي كظهر أمي ناويا الطلاق فلا تطلق ويقع الظهار ، بخلاف قوله لأمته أنت طالق فهو كناية في العتق لأنه لم يجد نفاذا في موضوعه ومسألتنا من ذلك ا هـ مردود والصواب ما صححوه . والفرق بين هذا وبين قوله لأمته أنت علي كظهر أمي هو أن الظهار لما لم يكن تصوره [ ص: 256 ] في حق الأمة بوجه من الوجوه حمل على الكناية بإرادة المكلف تصحيحا للفظ عن الإلغاء ، وأما لفظ الإجارة فليس كذلك لأنه يمكن تصحيحه وإيقاعه إجارة بأن يذكر عوضا معلوما ، فعدول المكلف عن العوض الصحيح إلى الفاسد دليل الإلغاء ، ولا ضرورة بنا إلى حمله على خلاف الظاهر ، واللفظ صريح في الفساد فلا يمكن إعماله في غيره مع إمكان تصحيحه إجارة . والحاصل أنه يعتبر في كون الصريح في باب كناية في غيره شرطان : أحدهما أن لا يجد نفاذا في موضوعه ، والثاني أن يقبله العقد المنوي فيه ( ويشترط ) ( القبول ) باللفظ متصلا كما في البيع ، ولهذا اعتبر في الصيغة هنا ما مر فيها ثم إلا عدم التأقيت ، وتصح بإشارة أخرس وبكتابة بالنية ( دون تفصيل الأعمال ) فلا يعتبر التعرض له في العقد ولو عقدها بغير لفظ المساقاة كما صرح به ابن يونس وهو ظاهر وإن أفهم كلام الروضة أنه لا يجري إلا في لفظها ( ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب ) فيها إذ المرجع فيما لا ضابط له شرعا ولا لغة إليه ، هذا إن كان عرف غالب وعرفاه وإلا وجب التفصيل جزما .


