الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا صلحت ) بفتح اللام وضمها ( الأرض لبناء وزراعة وغراس ) أو لاثنين من ذلك ( اشترط ) في صحة إجارتها ( تعيين ) نوع ( المنفعة ) المستأجر لها لاختلاف ضررها ، فلو أطلق لم تصح . أما إذا لم تصلح إلا لجهة واحدة فإنه يكفي الإطلاق فيها كأراضي الأحكار فإنه يغلب فيها البناء وبعض البساتين فإنه يغلب فيها الغراس ( ويكفي تعيين الزراعة ) بأن يقول للزراعة أو لتزرعها ( عن ذكر ما يزرع والأصح ) فيزرع ما شاء [ ص: 286 ] إذ تفاوت أنواع الزرع قليل ومن ثم ينزل على أقلها ضررا وأجريا ذلك في لتغرس أو لتبني فلا يشترط بيان أفرادهما فيغرس أو يبني ما شاء ، وما اعترض به من كثرة التفاوت في أنواع هذين رد بمنع ذلك ، فإبهام كلام المصنف اختصاص ذلك بالزراعة ليس مرادا . والثاني لا يكفي لأن ضرر الزرع مختلف . ومحل ما تقرر فيمن أجر عن نفسه ، فإن فعل عن غيره بولاية أو نيابة لم يكف الإطلاق لوجوب الاحتياط قاله الزركشي وغيره ، ولو لم تصلح إلا للزراعة وغصبها غاصب في سني جدب فالأقرب لزوم أجرة مثلها مدة استيلائه عليها لتمكنه من الانتفاع بها بنحو ربط دواب فيها ، ولا نظر إلى أنه لا أجرة لها ذلك الوقت ويلحق به فيما يظهر بيوت منى في غير أيام الموسم لأنا لا نعتبر في تغريم الغاصب أن يكون للمغصوب أجرة بالفعل بل بالإمكان فحيث أمكن الانتفاع به وجبت أجرته .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإذا صلحت ) أي بحسب العادة ، وإلا فغالب الأراضي يتأتى فيها كل من الثلاثة ( قوله : نوع المنفعة ) أي فلو اختلفا في ذلك فينبغي تصديق المالك ( قوله : ويكفي تعيين الزراعة إلخ ) .

                                                                                                                            [ واقعة ] أجر أرضا للزراعة فعطلها المستأجر فنبت فيها عشب فلمن يكون ؟ أجاب شيخنا بأنه للمالك لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة وتملك المنافع ا هـ دميري رحمه الله تعالى : أي ومعلوم أن الأجرة التي وقع بها العقد تلزم المستأجر لما تقدم من أنها تجب بقبض العين . وقياس ما أجاب به أن ما يطلع في خلال الزرع من غير بذر المستأجر كالحشيش مثلا يكون لمالك الأرض ( قوله : فيزرع ما شاء ) أي مما جرت به العادة ولو من أنواع مختلفة [ ص: 286 ] ثم رأيته في الزيادي وفي كلامه الآتي ( قوله : فيغرس أو يبني ما شاء ) أي ولو بغرس البعض وبناء البعض .

                                                                                                                            ( قوله : في سني ) بسكون الياء وأصله في سنين حذفت النون للإضافة فمن قرأها بتشديد الياء لم يصب ( قوله : جدب ) هو بفتح الجيم وسكون الدال المهملة وبالباء الموحدة القحط ( قوله : فالأقرب لزوم أجرة مثلها إلخ ) لعله للانتفاع الممكن ا هـ سم حج . وعليه فلو لم يمكن الانتفاع بها إلا في الزراعة لم يستحق أجرة لمدة الغصب



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو يبني ما شاء ) أي : من دار أو حمام أو من غيرهما ، وقد مر ما يعلم منه أنه لا بد من بيان الموضع والطول والعرض . ( قوله : فالأقرب لزوم أجرة مثلها ) قال الشهاب ابن قاسم : لعله الانتفاع الممكن ( قوله : ويلحق به فيما يظهر بيوت منى ) أي من حيث الآلة ، وإلا فأرضها لا تملك وما يبنى فيها واجب الهدم ، ومن ثم قال العلامة ابن حجر عقب ما ذكر على أنه لو قيل في آلات منى لا أجرة فيها مطلقا لم يبعد ; لأن مالكها متعد بوضعها فلم يناسب وجوب أجرة مثلها




                                                                                                                            الخدمات العلمية