وتقدم أنه ، ولا ضمان على المستأجر بل يرجع أهل البطن الثاني على تركة القابض من وقت موته كما أفتى بذلك يجوز للناظر صرف الأجرة المعجلة لأهل البطن الأول ، ولا ضمان عليه لو مات الآخذ قبل انقضاء المدة وانتقل الاستحقاق لغيره الوالد رحمه الله تعالى تبعا لابن الرفعة خلافا للقفال ومن تبعه ( ولو آجر البطن الأول ) مثلا أو بعضهم الوقف وقد شرط النظر له لا مطلقا بل مقيدا بنصيبه أو بمدة استحقاقه ( مدة ) لمستحق أو غيره ( ومات قبل تمامها أو الولي صبيا ) أو ماله ( مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ ) رشيدا ( باحتلام ) أو غيره ( فالأصح انفساخها في الوقف ) [ ص: 319 ] لأنه لما تقيد نظره من جهة الواقف بمدة استحقاقه لم يكن له ولاية على المنافع المنتقلة لغيره ، وبه فارق الناظر السابق لأنه لما كان له النظر وإن لم يستحق كانت ولايته غير مقيدة بشيء فسرى أثرها على غيره ولو بموته ، وبما تقرر علم أنه لا منافاة بين هذا وما مر من عدم انفساخها بموت متولي الوقف كما أوضح ذلك الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه ، وبه يندفع ما وقع لكثير من الشراح هنا ، وخرج بما ذكرناه فلا يصح إيجاره وليس في كلامهما ما يخالفه ، وما بحثه موقوف عليه لم يشرط له نظر عام ولا خاص الزركشي من أنه لو انفسخت لانتقال استحقاق المنافع إليهم ، والشخص لا يستحق على نفسه شيئا لعله بناء على ما قاله شيخه آجره الناظر ولو حاكما للبطن الثاني فمات البطن الأول الأذرعي تبعا للسبكي وغيره أن من جائز سقط حكم الإجارة ، فإن كان على أبيه دين ضارب مع الغرماء ، ولو كان معه ابن آخر انفسخت الإجارة في حق المستأجر ورجع بنصف الأجرة في تركة أبيه ، ورد بأنه مبني على مرجوح . والأصح عند استأجر من أبيه وأقبضه الأجرة ثم مات الأب والابن الشيخين هنا أن الإجارة لا تنفسخ ، وقياسه في صورة الزركشي عدم الانفساخ ( لا ) في ( الصبي ) فلا تنفسخ لبناء وليه تصرفه على المصلحة مع عدم تقييد نظره ، ومثل بلوغه بالإنزال إفاقة مجنون ورشد سفيه ، [ ص: 320 ] أما إذا بلغ بالاحتلام سفيها فلا تنفسخ جزما ، وأما إذا أجره مدة يبلغ فيها بالسن فتبطل في الزائد إن بلغ رشيدا ، ومثل البلوغ بالاحتلام الحيض في الأنثى ، ولو بطلت فيما بقي من المدة كما أفتى به أجر الولي مال موليه مدة معلومة ثم مات المالك في أثنائه الوالد رحمه الله تعالى ، لأن ولايته مقصورة على مدة ملك موليه ولا ولاية له على من انتقل ملكها إليه ولا نيابة فأشبه انفساخ إجارة البطن الأول بموته ، وإجارة أم ولده بموته والمعلق عتقه بصفة بوجودها ، وما قاله البندنيجي من أنه لو مات في أثناء المدة بطلت الإجارة في نفسه دون ماله مفرع على رأي مرجوح في مسألة البلوغ بالاحتلام أن الإجارة تستمر في ماله ولا تستمر في نفسه ( و ) الأصح ( أنها تنفسخ بانهدام الدار ) كلها ولو بفعل المكتري لزوال الاسم وفوات المنفعة قبل الاستيلاء عليها إذ لا تحصل إلا شيئا فشيئا ، وإنما [ ص: 321 ] حكمنا فيها بالقبض ليتمكن المستأجر من التصرف فتنفسخ بالكلية إن وقع ذلك قبل القبض أو بعده ولم تمض مدة لمثلها أجرة وإلا ففي الباقي منها دون الماضي فيأتي فيه ما مر من التوزيع ، فإن انهدم بعضها ثبت للمكتري الخيار إن لم يبادر المكري بالإصلاح قبل مضي مدة لا أجرة لها ، وعلى هذا يحمل قولهما إن تخريب المكتري يخيره ، إذ مرادهما تخريب يحصل به تعييب فقط وتعطل الرحى بانقطاع مائها والحمام بنحو خلل أبنيتها أو نقص ماء بئر بها يفسخها كذا قالاه ، وما اعترض به من كونه مبنيا على الضعيف في المسألة بعده يمكن حمله على تعذر سوق ماء إليها من محل آخر كما يرشد لذلك قولهم الآتي لإمكان سقيها بماء آخر . وأما نقلهما عن إطلاق الجمهور فيما لو التخيير سواء أمضت مدة لمثلها أجرة أم لا ، وعن طرأت أثناء المدة آفة بساقية الحمام المؤجرة عطلت ماءها المتولي عدمه إذا بان العيب ، وقد مضت مدة لمثلها أجرة وقالا إنه الوجه لأنه فسخ في بعض المعقود عليه فمعترض بأن الوجه ما أطلقه [ ص: 322 ] الجمهور وصرحا بنظيره في مواضع تبعا لهم ، منها قولهم لو تخير المستأجر ، وقولهم لو عرض أثناء المدة ما ينقص المنفعة كخلل يحتاج لعمارة وحدوث ثلج بسطح حدث من تركه عيب ولم يبادر المؤجر لإصلاحه تخير المستأجر وغير ذلك مع تصريحهم بأن الخيار على التراخي فيما لو كان العيب بحيث يرجى زواله كما في مسألتنا فهذا منهم كالصريح في التخيير وإن مضت مدة لمثلها أجرة فضلا عن إطلاقهم بل صرحا به في الكلام على فوات المنفعة على ما إذا اكترى أرضا فغرقت وتوقع انحسار الماء في المدة على أن ما مر عنهما في نقص ماء بئر الحمام يقتضي الانفساخ في مسألتنا فضلا عن التخيير ، فقولهما عن مقالة آجر أرضا فغرقت بسيل المتولي أنها الوجه : أي من حيث المعنى على ما فيه أيضا لا من حيث المذهب ، وتوجيه ابن الرفعة بأن الأصل يقتضي منع الإجارة لأنها بيع معدوم وإنما جوزت للحاجة فاغتفر فيها الفسخ ، بخلاف البيع يقال فيه أيضا الفرق بين البيع والإجارة واضح إذ العلة فيه التشقيص المؤدي إلى سوء المشاركة .