( ) لأنه ملك لمالك المعمور ، غير أنه لا يباع وحده كما قاله ولا يملك بالإحياء حريم معمور أبو عاصم العبادي كما لا يباع شرب الأرض وحده ، وما بحثه ابن الرفعة من الجواز ككل ما ينقص قيمة غيره فرق السبكي بينهما بأن هذا تابع فلا يفرد ( وهو ) أي الحريم ( ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع ) وإن حصل أصله بدونه ( فحريم القرية ) المحياة ( النادي ) وهو مجتمع القوم للتحدث ( ومرتكض ) نحو ( الخيل ) وإن لم يكونوا خيالة خلافا للإمام ومن تبعه ، فقد تتجدد لهم أو يسكن القرية بعدهم من له ذلك ، وهو بفتح الكاف : مكان سوقها ( ومناخ الإبل ) وإن لم يكن لهم إبل على قياس ما مر وهو بضم أوله : ما يناخ فيه ( ومطرح الرماد ) والقمامات والسرجين ( ونحوها ) كمراح الغنم وملعب الصبيان ومسيل الماء وطرق القرية ، لأن العرف مطرد بذلك وعليه العمل خلفا عن سلف ، ومنه مرعى البهائم إن قرب عرفا منها واستقل كما قاله الأذرعي ، وكذا إن بعد [ ص: 335 ] ومست حاجتهم له ولو في بعض السنة فيما يظهر ، ومثله في ذلك المحتطب ، وليس لأهل القرية منع المارة من رعي مواشيهم في مراعيها المباحة وحريم النهر كالنيل ما تمس الحاجة له لتمام الانتفاع به وما يحتاج لإلقاء ما يخرج منه فيه لو أريد حفره أو تنظيفه فيمتنع البناء فيه ولو مسجدا ويهدم ما بني فيه كما نقل عن إجماع الأئمة الأربعة ، ولقد عمت البلوى بذلك في عصرنا حتى ألف العلماء في ذلك وأطالوا لينزجر الناس فلم ينزجروا ، ولا يغير [ ص: 336 ] هذا الحكم كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى وإن بعد عنه الماء بحيث لم يصر من حريمه لاحتمال عوده إليه .
ويؤخذ من ذلك أن ما كان حريما لا يزول وصفه بزوال متبوعه ويحتمل خلافه ( وحريم البئر ) المحفورة ( في الموات ) للتملك وذكره الموات لبيان الواقع إذ لا يتصور الحريم إلا فيه كما يفهمه قوله الآتي والدار المحفوفة إلخ ، ويصح أن يحترز به عن المحفورة في الملك وإن علم أنه لا يكون فيه ( موقف النازح ) للدلاء منها بيده وفي الموات متعلق بما قدرناه الدال عليه لفظ البئر للزومه له أو حال منها لأن المضاف كالجزء من المضاف إليه ، وهل يعتبر قدر موقف النازح من سائر جوانب البئر أو من أحدها فقط ؟ الأقرب اعتبار العادة في مثل ذلك المحل ( والحوض ) يعني مصب الماء لأنه كما يطلق على مجتمعه الآتي يطلق عرفا أيضا على مصبه الذي يذهب منه إلى مجتمعه ، فلا تكرار في كلامه ، ولا مخالفة فيه لما في الروضة كأصلها ( والدولاب ) بضم أوله أشهر من فتحه فاغتسل معرب قيل وهو على شكل الناعورة : أي موضعه كما في المحرر وغيره إن كان الاستقاء به ، ويطلق على ما يستقي به النازح وما تستقي به الدابة ( ومجتمع الماء ) أي الموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية والزرع من حوض ونحوه كما في الروضة كأصلها ، وفي المحرر نحوه ( ومتردد الدابة ) إن استقى بها وملقى ما يخرج من نحو حوضها بتوقف الانتفاع بالبئر على ذلك ، ولا حد لشيء مما ذكر ويأتي ، بل المعول عليه في قدره على ما تمس إليه الحاجة إن امتد الموات إليه وإلا فإلى انتهاء الموات ( وحريم الدار ) المبنية ( في الموات ) وفي ذكره ما مر ويصح أن يحترز به عن المحفوفة بملك ، وسيأتي فناؤها وهو ما حوالي جدرها ومصب ميازيبها .
قال ابن الرفعة : إن كان بمحل يكثر فيه الأمطار و ( مطرح الرماد وكناسة وثلج ) في بلده للحاجة إلى ذلك ( وممر في صوب الباب ) أي جهته ، لكن لا إلى امتداد المواد ، إذ لغيره إحياء ما قبالته إذا أبقى ممرا له ولو مع احتياج إلى ازورار وانعطاف ( وحريم آبار القناة ) المحياة لا للاستقاء منها ( ما لو حفر فيه نقص ماؤها أو خيف الانهيار ) أي السقوط ، ويختلف باختلاف لين الأرض وصلابتها ، وإنما لم يعتبر هنا ما مر في بئر الاستقاء لأن المدار على حفظها وحفظ مائها لا غير ، ولهذا بحث الزركشي جواز البناء في حريمها بخلاف حفر البئر فيه ، ولا يمنع من حفر بئر بملكه ينقص ماء بئر جاره لتصرفه في ملكه ، بخلاف ذلك فإنه ابتداء تملك وآبار بهمزة بعد موحدة ساكنة كذا بخط المصنف ، ويجوز [ ص: 337 ] تقديم الهمزة على الموحدة وقلبها ألفا ، والأول أكثر استعمالا قاله الجاربردي ( والدار المحفوفة بدور ) أو شارع بأن أحييت معا أو جهل الحال فيما يظهر ( لا حريم لها ) لانتفاء المرجح لها على غيرها . نعم أشار البلقيني واعتمده غيره إلى أن كل دار لها حريم : أي في الجملة ، قال وقولهم هنا لا حريم لها أرادوا به غير الحريم المستحق : أي وهو ما يتحفظ به عن يقين الضرر .