( ونفسه في الأصح ) لتعذر تمليك الإنسان ملكه أو منافع ملكه لنفسه لأنه حاصل ، ويمتنع تحصيل الحاصل واختلاف الجهة إذ استحقاقه وقفا غيره ملكا الذي نظر له مقابل الأصح ، واختاره جمع ، ومنه أن يشترط نحو قضاء دينه مما وقفه ، أو انتقاعه به ، أو شربه منه ، أو مطالعته في الكتاب ، أو طبخه في القدر ، أو استعماله من بئر أو كوز وقف ذلك على نحو الفقراء ، فيبطل الوقف بذلك خلافا لما وقع لبعض الشراح هنا ، وكأنه توهم جواز ذلك من قول عثمان في وقفه لبئر رومة دلوي فيها كدلاء المسلمين وليس بصحيح ، فقد أجابوا عنه بأنه لم يقل ذلك على سبيل الشرط بل الإخبار بأن للواقف الانتفاع بوقفه العام كالصلاة بمسجد وقفه والشرب من بئر وقفها .
نعم لو شرط أن يضحى عنه صح أخذا من قول الماوردي وغيره بصحة شرط أن يحج عنه منه : أي لأنه لا يرجع له من ذلك سوى الثواب وهو لا يضر بل هو المقصود من الوقف ، ولو جاز له الأخذ منه : وكذا لو كان فقيرا حال الوقف كما في الكافي واعتمده وقف على الفقراء مثلا ثم صار فقيرا السبكي وغيره ، ويصح [ ص: 368 ] شرطه النظر لنفسه ولو بمقابل إن كان بقدر أجرة المثل فأقل كما قيده بذلك . ابن الصلاح
ومن الحيل في أن يقف على أولاد أبيه ويذكر صفات نفسه فيصح كما قاله جمع من المتأخرين واعتمده الوقف على النفس ابن الرفعة وعمل به في حق نفسه فوقف على الأفقه من بني الرفعة وكان يتناوله ، وهو الأوجه ، وإن خالف فيه الإسنوي وغيره تبعا للغزالي والخوارزمي فأبطلوه إن انحصرت الصفة فيه وإلا صح ، قال : وهو أقرب لبعده عن قصد الجهة وأن يؤجره مدة طويلة ثم يقفه على الفقراء مثلا ثم يتصرف في الأجرة أو يستأجره من المستأجر وهو الأحوط لينفرد باليد ويأمن خطر الدين على المستأجر وأن يستحكم فيه من يراه ، ولو حكم به وبلزومه وآخذناه بإقراره ونقض الوقف في حق غيره على ما أفتى به أقر من وقف على نفسه ثم على جهات مفصلة بأن حاكما يراه البرهان المراغي ، والأوجه ما أفتى به التاج الفزاري من قبول إقراره عليه وعلى من يتلقى منه ، كما لو قال هذا وقف علي وسيأتي ما له تعلق بذلك ، وأفتى وتبعه جمع بأن حكم الحنفي بصحة الوقف على النفس لا يمنع ابن الصلاح باطنا من بيعه وسائر التصرفات فيه ، قال : لأن حكم الحاكم لا يمنع ما في نفس الأمر ، وإنما منع منه في الظاهر سياسة شرعية ، ويلحق بهذا ما في معناه ، لكن رده جمع بأنه مفرع على مرجوح وهو أن حكم الحاكم في محل اختلاف المجتهدين لا ينفذ باطنا كما صرح به تعليله ، والأصح كما في الروضة في مواضع نفوذه باطنا ، ولا معنى له إلا ترتب الآثار عليه من حل وحرمة ونحوهما . الشافعي
وصرح الأصحاب بأن حكم الحاكم في المسائل الخلافية برفع الخلاف ويصير الأمر متفقا عليه