قوله ( ولا يجوز بيع جنس فيه الربا بعضه ببعض ومع أحدها أو معهما من غير جنسهما  ، كمد عجوة ودرهم بمدين ، أو بدرهمين ، أو بمد ودرهم ) . وهو المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب . وقدموه ونصروه . ويأتي : إذا ظهر أن المدين من شجرة أو زرع واحد ، أو الدرهمين من نقد واحد  وعنه  يجوز ، بشرط أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره ، أو يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه . اختاره الشيخ تقي الدين  في مواضع من كلامه فعليها يجوز بيع درهمين بمد ودرهمين ، ومدين بدرهم ومد    . ودرهم ومد بدرهم ومد . ومدين ودرهم بمد ودرهم ، وعكسه . ولا يجوز درهم بمد ودرهم ، ولا مد بدرهم ومد ، ونحو ذلك . ومن المتأخرين كصاحب المستوعب من يشترط فيما إذا كان مع كل واحد من غير جنسه من الجانبين : التساوي . وجعل كل جنس في مقابلة جنسه . وهو أولى من جعل الجنس في مقابلة غيره . لا سيما مع اختلافهما في القيمة . فعلى هذه الرواية : يشترط أن لا يكون حيلة على الربا .  [ ص: 34 ] ونص  الإمام أحمد  رحمه الله على هذا الشرط في رواية حرب    . ولا بد منه . 
 وعنه  رواية ثالثة : يجوز ، إن لم يكن الذي معه مقصودا ، كالسيف المحلى . اختاره الشيخ تقي الدين  رحمه الله . وذكره ظاهر المذهب ونصره صاحب الفائق في فوائده . فأما إن كانت الحيلة من غير جنس الثمن : فإنه يجوز . على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب .  وعنه  لا يجوز . قال في الإرشاد : وهي أظهرهما . لأنه لو استحق وتلف لم يدر بم يرجع ؟ قال ابن رجب  في قواعده : للأصحاب في المسألة طريقة ثانية . وهي أنه لا يجوز بيع المحلى بجنس حليته  ، قولا واحدا . وفي بيعه بنقد آخر روايتان . ويجوز بيعه بعرض . رواية واحدة وهي طريقة أبي بكر  في التنبيه ، وابن أبي موسى  ، والشيرازي  وأبي محمد التميمي  ، وأبي عبد الله الحسين الهمداني  في كتابه المقتدى ومن هؤلاء من جزم بالمنع من بيعه بنقد من جنسه وغير جنسه ، كأبي بكر    . وقال الشيرازي    : الأظهر المنع . ومنهم من جزم بالجواز في بيعه بغير جنسه  ، كالتميمي    . ومنهم من حكى الخلاف ، كابن أبي موسى    . ونقل البزراطي  عن  الإمام أحمد  رحمه الله ما يشهد لهذه الطريقة في حلي صنع من مائة درهم فضة ومائة نحاس    : أنه لا يجوز بيعه كله بالفضة ولا بالذهب ، ولا بوزنه من الفضة والنحاس ، ولا يجوز بيعه حتى تخلص الفضة من النحاس ويبيع كل واحد منهما وحده . 
تنبيه : 
فعلى المذهب في أصل المسألة : يكون من باب توزيع الأفراد على الجمل ، وتوزيع الجمل على الجمل . وعلى الرواية الثانية : يكون من باب توزيع الأفراد على الأفراد . 
 [ ص: 35 ] فائدتان 
إحداهما : للأصحاب في توجيه المذهب مأخذان . 
أحدهما وهو ما أخذ  القاضي  ، وأصحابه : أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفي القيمة : يقسط الثمن على قيمتهما . وهذا يؤدي هنا : إما إلى تعيين التفاضل ، وإما إلى الجهل بالتساوي . وكلاهما مبطل للعقد في باب الربا . 
والمأخذ الثاني : أن ذلك ممنوع . سدا لذريعة الربا . فإن اتخاذ ذلك حيلة على الربا الصريح واقع . كبيع مائة درهم في كيس بمائتين ، جعلا للمائة في مقابلة الكيس ، وقد لا يساوي درهما . فمنع من ذلك وإن كانا مقصودين ، حسما لهذه المادة . وفي كلام  الإمام أحمد  رحمه الله إيماء إلى هذا المأخذ . فلو فرض أن المدين من شجرة واحدة ، أو من زرع واحد ، وأن الدرهمين من نقد واحد    . ففيه وجهان . ذكرهما  القاضي  في خلافه احتمالين : 
أحدهما : الجواز ، لتحقق التساوي . والثاني : المنع ، لجواز أن يغلب أحدهما قبل العقد . فيقبض قيمته وحده . وصححه  أبو الخطاب  في انتصاره . قلت    : وهو المذهب . وداخل في كلام الأصحاب ، لكن القياس الأول . وأطلقهما في الفروع ، وقواعد ابن رجب    . 
الثانية : لو دفع إليه درهما ، وقال : أعطني بنصف هذا الدرهم نصف درهم ، وبنصفه فلوسا ، أو حاجة أخرى    : جاز . كما لو دفع إليه درهمين ، وقال : أعطني بهذا الدرهم فلوسا ، وبالآخر نصفين    . وكذا لو قال : أعطني بهذا الدرهم نصفا وفلوسا جاز . ذكره  المصنف  والشارح  وغيرهما 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					