قلت : فإن ؟ اقتسمت أنا وصاحبي عبدين بيننا ، فأخذت أنا عبدا وهو عبدا فاستحق نصف العبد الذي صار لي
قال : إنما كان قبل القسمة لكل واحد منكما نصف عبد ، فلما أخذت جميع هذا العبد وأعطيت شريكك العبد الآخر ، كنت قد بعته نصف ذلك العبد الذي صار له بنصف هذا العبد الذي صار لك ، فلما استحق نصف العبد الذي في يديك ، قسم هذا الاستحقاق على النصف الذي كان لك وعلى النصف الذي اشتريته من صاحبك ، فيكون نصف النصف الذي استحق من نصيبك ونصف النصف من نصيب صاحبك ، فترجع على صاحبك بربع العبد الذي في يديه ; لأنه ثمن لما استحق من العبد الذي في يديك من نصيب صاحبك ، فترجع على صاحبك إن كان العبد لم يفت في يد صاحبك ، وإن كان العبد قد فات في يد صاحبك كان لك عليه ربع قيمته يوم قبضه ، ولا تكون بالخيار في أن ترد نصف العبد على صاحبك فتأخذ نصف عبدك ; لأن قال في الدار والأرض يشتريها الرجل فيستحق منها الطائفة . مالكا
قال : إن كان الذي استحق منها يسيرا ، رأيت أن يرجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع فيما بينهما .
قال : قال : وأرى البيت من الدار الجامعة والنخلة من النخل الكثيرة والشيء اليسير من الأرض الكثيرة ، ليس إذا استحق الفساد لها ، فأرى أن يلزم المشتري البيع فيما بقي في يديه ، ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق . وإن كان الذي استحق هو جل الدار وله القدر من الدار ; رأيت المشتري بالخيار إن أحب أن يحبس ما بقي في يديه بعد الاستحقاق من الدار ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق فذلك له ، وإن أحب أن يرد ما بقي في يديه بعد الاستحقاق ويأخذ الثمن كله فذلك له . مالك
قال : فقيل : فالغلام والجارية يشتريها الرجل فيستحق منه أو منها الشيء اليسير ؟ . لمالك
قال : قال : لا يشبه العبد أو الأمة عندي الدور والأرضين ولا النخل ; لأن الغلمان والجواري يريد أهلهم أن يظعنوا بهم ويطأ الرجل الجارية ويسافر الرجل بالغلام ، فهو في العبد والجارية إذا اشترى واحدا منهما فاستحق منه الشيء اليسير كان بخيار ، إن أحب أن يتماسك بما بقي ويرجع في الثمن بقدر ما استحق منه كان ذلك له ، وإن [ ص: 298 ] أحب أن يرده كله فذلك له ، فمسألتك في القسمة في العبدين عندي تشبه الدور ولا تشبه العبيد ; لأن كل واحد منهما كان له في كل عبد نصفه ، فكان ممنوعا من الوطء إن كانتا جاريتين وكان ممنوعا من أن يسافر بهما إن كانا عبدين ، فلما قاسم صاحبه فأخذ كل واحد منهما نصف عبده بنصف صاحبه فاستحق من نصف صاحبه ربعه ; لم يكن له أن يرد نصف صاحبه كله ، ولكنه يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد الذي صار لصاحبه إن كان لم يفت ، فإن كان قد فات رجع عليه بربع قيمة العبد الذي صار لصاحبه يوم قبضه . مالك
قال : وقال : والفوت في العبيد في مثل هذا : النماء والنقصان والبيع واختلاف الأسواق ، أولا ترى أن مالك قال في الرجل يشتري السلع فيجد ببعضها عيبا أو يستحق منها الشيء . مالكا
قال : إن كان الذي وجد به عيبا أو استحق ليس هو جل ذلك ولا كثرته ولا من أجله اشترى ; رده بعينه ولزمه البيع فيما بقي . فكذلك هذا العبد ، ليس الربع جل ما اشترى أحدهما من صاحبه ولا فيه طلب الفضل ، فلما قال هذا في هذا ، وقال مالك : إنما كان له أن يرده إذا اشتراه كله من رجل لأن للمشتري أن يسافر به ولأن له في الجارية أن يطأها إذا اشتراها ، فإذا استحق منها القليل ردها إن أحب ولم يكن للبائع حجة أن يقول لا أقبلها ; لأنها إنما استحق منها الشيء اليسير ; لأن هذا قد انقطعت عنه المنفعة التي كانت في الوطء والأسعار وما أشبه هذا ، وأما الذي قاسم صاحبه فأخذ في نصف عبده الذي كان له نصف عبد صاحبه الذي كان معه شريكا فاستحق الربع من نصيب كل واحد منهما ، فليس له أن يرد ما بقي في يديه من حظ شريكه ; لأن العبد والجارية إنما يردهما في هذا إلى الحال الأولى ، وقد كان في العبد والأمة في الحال الأولى قبل القسمة لا يقدر على أن يسافر بهما ولا يطأ الجارية . فالعبيد إذا كانوا بين الشركاء فاقتسموهم ، ثم استحق من بعضهم بعض ما في يديه ، إنما يحملون محمل السلع والدور إذا اشتريت فاستحق بعضها إن كان ذلك الذي استحق كثيرا كان له أن يرد الجميع ، وإن كان تافها يسيرا لا قدر له لم يرد ما بقي ويرجع بما يصيبه على قدر ما فسرت لك ، وهذا في القسمة في العبيد كذلك سواء ; ألا ترى أن من قول مالك : لو أن رجلا اشترى عبدين وهما في القيمة سواء لا تفاضل بينهما فاستحق منهما واحد لم يرد الثاني منهما ; لأنه لم يشتر أحدهما لصاحبه ، فكذلك النصف حين اشترى لم يشتر الربع الذي استحق للربع الآخر الذي لم يستحق ، فيكون له حجة يرده بها أو يقول كنت أسافر بالعبد أو أطأ الجارية فلا أحب أن يكون معي شريك فتكون له حجة ، فلما لم تكن له في هذا الوجه ولا في هذا الوجه الآخر حجة لم يكن له أن يرد ما بقي في يديه من نصيب صاحبه بعد الاستحقاق ، ولكن يرجع على [ ص: 299 ] صاحبه بربع العبد إن كان لم يفت ، وإن كان قد فات فبحال ما وصفت لك . مالك