الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5280 - (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) (م د) عن أبي هريرة - (صح) .

التالي السابق


(طهور إناء أحدكم) بضم الطاء على المشهور ذكره النووي وتعقبه ابن العراقي بأنه فهم أن المراد هنا الفعل ولا كذلك، وإنما المراد به المطهر فهو بفتح الطاء على الأشهر، قال في شرح الإلمام: هنا الطهور بالفتح المطهر، وبالضم الفعل (إذا ولغ فيه الكلب) ولو كلب صيد، وفي رواية للبخاري كالموطأ بدله: شرب، والمشهور المعروف لغة: ولغ، يقال ولغ يلغ إذا شرب بطرف لسانه، وقيل أن يدخل لسانه في الماء فيحركه، زاد ابن درستويه : شرب أو لم يشرب، وزعم ابن عبد البر أن "شرب" لم يروه إلا مالك وليس كما قال، واللفظان متقاربان، لكن الشرب أخص فلا يقوم مقامه ومفهوم الشرط في "إذا ولغ" يقتضي قصر الحكم عليه، لكن إذا قلنا إن الأمر بالغسل للتنجيس فيتعدى الحكم إلى ما إذا لحس أو لعق ويكون الولوغ غالبا ويلحق به بقية أعضائه؛ لأن فمه أشرفها غالبا فالباء في بالأولى وأفهم ذكر الإناء إخراج الماء المستنقع، وبه قال الأذرعي : لكن إذا قلنا الغسل للتنجيس يجري الحكم في قليل الماء دون كثيره (أن يغسله) بماء طهور (سبع مرات أولاهن بالتراب) كذا للأكثر، وفي رواية: إحداهن، وطريق الجمع أن يقال: إحداهن مبهمة، وأولاهن معينة، فإن كانت في نفس الخبر فللتخيير فمقتضى حمل المطلق على المقيد حمله على إحداهن؛ لأن فيه زيادة على الرواية المعينة، ونص عليه في الأم والبويطي، وصرح به المرعشي وغيره، وغفل عنه من بحثه كالسبكي وإن كانت شكا من الراوي فرواية من عين ولم يشك أولى ممن أبهم أو شك فيبقى النظر في الترجيح بين أولاهن والتابعة وأولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحوطية ومن حيث المعنى؛ لأن تتريب الأخيرة يحتاج إلى غسلة أخرى للتنظيف وقد نص الشافعي في حرمله على أن الأولى أولى، والله أعلم، وقد أخذ بهذا الحديث الشافعية وخالفهم الحنفية فلم يوجبوا التسبيع ولا التعفير لكون راويه أفتى بتثليث غسله، قلنا: مذهب الراوي غير حجة، فإن قيل: الأخذ بالسبع ترجيح؛ لأنه ورد ثلاث وخمس، قلنا: الورود ممنوع وبفرضه لم يصح بشروطه أو منسوخ لتأخر التشديدات أو الغسلات أو مذهب الراوي والمالكية أوجبوا التسبيع تعبدا بغير التتريب لطهارة الكلب عندهم، والكلام على هذا الحديث أفرد بالتأليف لانتشاره جدا، احتج به الشافعي على نجاسة الكلب؛ لأن الطهارة إنما تكون عن حدث أو خبث ولا حدث على الإناء فتعين كونها للنجس، وزعم أن الطهارة تكون من غيرهما كالتيمم منع بأن موجبه الحدث وإن لم يرفع فلا يقال إنه طهارة لا عن حدث

(م د عن أبي هريرة ) لكنه خالفه فأمر بالغسل منه ثلاثا فقط وذلك غير قادح في وجوب العمل به عند الأكثر وقيل إن مخالفة الراوي بمنع وجوب العمل؛ لأنه إنما خالفه لدليل، قلنا: في ظنه وليس لغيره اتباعه؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا



الخدمات العلمية