الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6167 - (قيدوا العلم بالكتاب) (الحكيم وسمويه عن أنس، طب ك ) عن ابن عمرو- (صح) .

التالي السابق


(قيدوا العلم بالكتاب) ؛ لأنه يكثر على السمع فتعجز القلوب عن حفظه والحفظ قرين العقل والقلب مستودعهما [ ص: 531 ] والنسيان كامن في الآدمي وأول من نسي آدم فسمي إنسانا فنسيت ذريته فالعلم يعقل ثم يحفظ فإذا كان القلب معلولا بهذه العلة والنسيان كامن فخيف ذهابه قيد بالكتابة لئلا يفوت ويدرس فنعم المستودع وإن دخله القلب فنعم الكشف له الكتاب وقد أدب الله عباده وحثهم على مصالحهم فقال يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه قال الماوردي : ربما اعتمد الطالب على حفظه فتصوره وأغفل تقييد العلم في كتبه ثقة بما استقر في نفسه وهذا خطأ منه؛ لأن التشكيك معترض والنسيان طار ومن ثم قال الخليل: اجعل ما في الكتب رأس المال وما في قلبك النفقة، وقال مهند: لولا ما عقدته الكتب من تجارب الأولين لانحلت مع النسيان عقود الآخرين وقد كره كتابة العلم جمع منهم الحبر قال الذهبي : وانعقد الإجماع الآن على الجواز، وقال ابن حجر في المختصر: الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم وعلى استحبابه بل لا يبعد وجوبه على من خشي الفساد ممن يتعين عليه تبليغ العلم اهـ. وقال بعض الأئمة: الكتابة تدبير من الله لعباده وهي من حروف مصورة مختلفة، التخطيط علائم تدل على المعاني فإذا حفظت استغنى عن الكتاب وإن نسيت فالكتاب نعم المستودع وإذا أدب الله تجار الدنيا وحثهم على كتابة المداينة فكيف بتجار الآخرة في تقييد الأمانات العلمية التي أودعهم إياها وأخذ عليهم الميثاق أن يؤدوه ولا يكتموه وإذا علمت هذا ظهر لك اتجاه بحث بعض الأعاظم وجوب كتابة العلم الشرعي وتقييد رسومه لئلا يندرس فتدبر وليس لك أن تقول قد ذم الله الكتابة في قوله فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ؛ لأنا نقول إنما ذم من ألحق في التوراة ما ليس منها كما يعرف بتدبر الآية والقصة فإن قيل نهى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة الحديث بقوله في خبر مسلم (لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن) قلنا جمع بأن النهي خاص بوقت نزول القرآن خوف لبسه بغيره أو بكتابة غير القرآن معه في شيء واحد إذ النهي متقدم والإذن ناسخ عند أمن اللبس قال ابن حجر : وهو أقربها مع أنه لا ينافيها، وقيل النهي خاص لمن خيف منه الاتكال على الكتاب دون الحفظ دون غيره ومنهم من أعل خبر مسلم بالوقف وقيل العلم شجر والخط ثمر، وقيل الخط لسان اليد وقيل هو الطلسم الأكبر وقيل كل مأثرة بنتها الأقلام لم تطمع في درسها الأيام

(الحكيم) الترمذي في النوادر (وسمويه) كلاهما (عن أنس) بن مالك ، وفيه عبد الله بن المثنى الأنصاري من رجال البخاري، لكن أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ضعيف وهو صدوق (طب ك عن ابن عمرو) بن العاص، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ لكن أورده في الميزان في ترجمة عباد بن كثير من حديثه، وقال عن البخاري : تركوه، وعن ابن معين ليس بشيء وادعاه في ترجمة عبد الحميد المدني أخي فليح ونقل تضعيفه عن جمع وأورده ابن الجوزي من طرق، وقال: لا يصح



الخدمات العلمية