الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5306 - ( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة فلم يعدل عنها إلى البدعة) (فر) عن أنس - (ح) .

التالي السابق


(طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) فلم يشتغل بها فعلى العاقل أن يتدبر في عيوب نفسه فإن وجد بها عيبا اشتغل بعيب نفسه فيستحي من أن يترك نفسه ويذم غيره، بل يعلم أن عجز غيره عن نفسه في التنزه عن ذلك العيب كعجزه إن كان ذلك عيبا يتعلق بعقله واختياره فإن كان خلقيا فالذم له ذم للخالق، فإن من ذم صفة فقد ذم صانعها، قال رجل لبعض الحكماء: يا قبيح الوجه فقال: ما كان خلق وجهي إلي فأحسنه، وإذا لم يجد بنفسه عيبا فليعلم أن ظنه بنفسه أنه عري من كل عيب جهل بنفسه وهو من أعظم العيوب، قال البيهقي : ذكر رجل عند الربيع بن خثيم فقال: ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ منها إلى ذم غيرها، إن العباد خافوا الله على ذنوب غيرهم وأمنوه على ذنوب أنفسهم، وقال بعضهم: تقيدت ببيت سمعته:


لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها . . . لنفسي في نفسي عن الناس شاغل

وقال حكيم: لا أحسب أحدا لا يتفرغ لعيب الناس إلا عن غفلة غفلها عن نفسه، ولو اهتم لعيب نفسه ما تفرغ لعيب أحد، ونقل شيخنا العارف الشعراني عن شيخه البرهان القلقشندي : أن من علامة بعد العبد عن حضرة ربه نسيان عيوبه ونقائصه فقلت: كيف قال: لأن حضرة الحق نور وشأن النور أن يكشف عن الأشياء بخلاف الظلام، قال: ومن هنا عرف الأولياء كون الحق تعالى يحبهم أو يبغضهم أو راضيا أو غضبان حتى قال الكرخي: لي منذ ثلاثين سنة وأنا أرى الحق ينظر إلي نظر الغضب وكان الديري يرى الفضل لله الذي لم يخسف به الأرض ولم يمسخ صورته، وقال أخي أفضل الدين: لو كشف للإنسان لرأى ذاته كلها عيوبا ضم بعضها إلى بعض فصارت صورة أذى (وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله) فإنه بذلك يسلم من آفات اللسان التي هي عين الخسران، ومن ثم قيل:


يا كثير الفضول قصر قليلا . . . قد فرشت الفضول عرضا وطولا


قد أخذت من القبيح بحظ . . . فاسكت الآن إن أردت جميلا


قال الغزالي : انظر إلى الناس كيف قلبوا الأمر: أمسكوا فضل المال وأطلقوا فضل اللسان (ووسعته السنة فلم يعد) بالدال (عنها إلى البدعة) وهو الرأي الذي لا أصل له من كتاب ولا سنة كما سلف

(فر عن أنس ) قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال: طوبى إلخ، ورواه العسكري عنه أيضا وعده من الحكم والأمثال ورواه أيضا أبو نعيم من حديث الحسين بن علي والبزار من حديث أنس أوله وآخره، والطبراني والبيهقي وسطه؛ الحديث، قال الحافظ العراقي وكلها ضعيفة



الخدمات العلمية