الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4438 - (رحم الله أخي يوسف، لو أنا وأتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين قال: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة ) (حم في الزهد ابن المنذر) عن الحسن مرسلا.

التالي السابق


(رحم الله أخي يوسف لو أنا) كنت محبوسا تلك المدة (وأتاني الرسول) يدعوني إلى الملك (بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة) أي: إجابة رسول الملك الذي أخبر الله عنه بقوله فلما جاءه الرسول (حين قال له ارجع إلى ربك ) ؛ أي: سيدك ( فاسأله ما بال النسوة ) إلى آخر الآية، وهذا من حسن تواضعه وثنائه على يوسف كما تقرر لا أنه كان عليه إثم أو تقصير لو كان محل يوسف عليه السلام لخرج مع الرسول، وإنما أراد لم يكن يستثقل محنة الله فيعجل، بل كان صابرا محتسبا مع طول أمد الحبس عليه، قال في الكشاف: إنما تأنى وتثبت في إجابة الملك، وقدم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما سجن فيه؛ لئلا يتسلق له الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده، ويجعلونه سلما إلى حط منزلته لديه، ولئلا يقولوا ما خلد في الحبس سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير، فإن قيل: إنما ذكر المصطفى هذا على جهة المدح ليوسف، فما باله يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره، قلنا: إنما أخذ لنفسه وجها آخر من أن الرأي وجه آخر،؛ أي: لو كنت أنا لبادرت الخروج، ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك، وذلك أن هذه النقيصة والنوازل إنما هي معرضة ليقتدي الناس بها إلى يوم القيامة فأراد عليه السلام حمل الناس على الأحزم من الأمور دون التعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من ذلك السجن بما يفتح له ذلك من البقاء في سجنه، وإن كان يوسف أمن من ذلك بعلمه من الله فغيره من الناس لا يأمن ذلك، وقال بعضهم: خاف يوسف أن يخرج من السجن فيناله من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا فيراه الناس بتلك المنزلة، ويقولون هذا الذي راود امرأة مولاه، فأراد بيان براءته وتحقيق منزلته

(حم في) كتاب (الزهد، وابن المنذر عن الحسن) البصري (مرسلا) .



الخدمات العلمية