1470 ص: وكان أحد من روي عنه عن رسول الله - عليه السلام - أيضا القنوت في الفجر: أنس بن مالك، فروى عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - عليه السلام - لم يزل يقنت بعد الركوع في صلاة الغداة حتى فارقه". فأثبت في هذا الحديث القنوت في صلاة الغداة وأن ذلك لم ينسخ.
وقد روي عنه من وجوه خلاف ذلك، فروى أيوب ، عن محمد بن سيرين قال: "سئل أنس: : أقنت النبي - عليه السلام - في صلاة الصبح؟ فقال: نعم، فقيل: قبل الركوع أو بعده؟ فقال: بعد الركوع يسيرا".
وروى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه أنه قال: "قنت النبي - عليه السلام - ثلاثين صباحا، يدعو على رعل وذكوان". .
وروى قتادة عنه نحوا من ذلك.
[ ص: 347 ] وقد روى عنه حميد: " أن النبي - عليه السلام - إنما قنت عشرين يوما" فهؤلاء كلهم قد أخبروا عنه بخلاف ما روى عمرو، عن الحسن. ،
وروى عنه عاصم إنكار القنوت بعد الركوع أصلا، وأن النبي - عليه السلام - إنما فعل ذلك شهرا، ولكن القنوت قبل الركوع، يضاد ذلك أيضا ما روى عمرو بن عبيد وخالفه، فلم يجز لأحد أن يحتج في حديث أنس بأحد الوجهين مما روي عن أنس; لأن لخصمه أن يحتج عليه بما روي عن أنس مما يخالف ذلك.
وأما قوله: ولكن القنوت قبل الركوع فلم يذكر ذلك عن النبي - عليه السلام -، فقد يجوز أن يكون ذلك أخذه عمن بعده أو رأيا رآه، فقد رأى غيره من أصحاب النبي - عليه السلام - خلاف ذلك، فلا يكون قوله أولى من قول من خالفه إلا بحجة تبين لنا.


