الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1357 ص: فإن قال قائل: هذا حديث منكر. قيل له: وما دلك على ذلك؟ فلن تجد إلى ذلك سبيلا، فإن قال: إن طاوسا قد ذكر أنه رأى ابن عمر يفعل ما يوافق ما روي عنه عن النبي - عليه السلام - من ذلك. قيل لهم: فقد ذكر ذلك طاوس، ، وقد خالفه مجاهد، . فقد يجوز أن يكون ابن عمر - رضي الله عنهما - فعل ما رواه طاوس، يفعله قبل أن تقوم عنده الحجة بنسخه، ثم قامت عنده الحجة بنسخه فتركه وفعل ما ذكره عنه مجاهد . وهكذا ينبغي أن يحمل ما روي عنهم وينفى عنهم الوهم حتى يتحقق ذلك، وإلا سقط أكثر الروايات.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا اعتراض من جهة الخصم على دعوى النسخ في حديث ابن عمر، بيانه أن يقال: لا نسلم أن يكون خبر مجاهد دليلا على انتساخ ذلك الحديث; لأنه منكر لأنه مخالف لما ثبت في "الصحيح" ولما رواه الحفاظ الكبار، فأجاب عنه بقوله: وما دلك على ذلك؟ أي على كونه منكرا، فلن تجد إلى ذلك أي إلى إثبات كونه منكرا سبيلا، أراد أن هذا مجرد دعوى بأنه منكر فلا تقبل، فلا ترد علينا، ثم قال: فإن قال -أي الخصم-: إن طاوسا قد ذكر أنه رأى ابن عمر يفعل ما روي عنه عن النبي - عليه السلام - من ذلك، أي من رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه.

                                                وقد روى البيهقي في "سننه": من حديث شعبة ، عن الحكم، قال: "رأيت طاوسا كبر فرفع يديه حذو منكبيه عند التكبير، وعند ركوعه، وعند رفع رأسه من الركوع، فسألت رجلا من أصحابه فقال: إنه يحدث به عن ابن عمر ، عن عمر ، عن النبي - عليه السلام -. قيل لهم -أي للخصم وهم أهل المقالة الأولى-: سلمنا أنه قد ذكره طاوس، ولكنه قد خالفه مجاهد فتحققت المنافاة بين كلاميهما، فتعين التوفيق [ ص: 181 ] لنفي الوهم عنهم، وإن لم يفعل ذلك تسقط أكثر الروايات; لأنه يلزم أن يكون أحد الراويين منسوبا إلى غفلة أو قلة مبالاة لروايته، وكل واحد منهما مسقط لعدالته وناف لخبره، فيحتاج حينئذ إلى التوفيق، والتوفيق ها هنا بين خبري مجاهد وطاوس ما ذكره بقوله: فقد يجوز ... إلى آخره، وهو ظاهر لا يخفى.




                                                الخدمات العلمية