الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1415 1416 1417 ص: وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - أيضا أنه كان يقول في ركوعه وسجوده ما أمر به في حديث عقبة كما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر وبشر بن عمر، قالا: ثنا شعبة ، عن سليمان ، عن سعد بن عبيدة ، عن المستورد ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة: "أنه صلى مع رسول الله - عليه السلام - ذات ليلة، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى".

                                                [ ص: 268 ] حدثنا فهد، قال: ثنا سحيم الحراني ، قال: ثنا حفص بن غياث ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن صلة ، عن حذيفة قال: " كان رسول الله - عليه السلام - يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا". .

                                                التالي السابق


                                                ش: لما بين احتجاج أهل المقالة الثانية بما أمر به في حديث عقبة بن عامر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -، بين أيضا ما فعله - عليه السلام - بنفسه مما أمر به، فيكون ما احتج به هؤلاء أقوى لما فيه من قول الرسول - عليه السلام - وفعله، وما احتج به أهل المقالة الأولى هو فعله فقط، ولا شك أن فعله إذا اجتمع مع قوله يكون أقوى وآكد، وهذا في نفس الأمر جواب آخر عن احتجاج أهل المقالة الأولى.

                                                وأخرج حديث حذيفة من طريقين:

                                                الأول: صحيح على شرط مسلم ، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، وبشر بن عمر الزهراني، كلاهما عن شعبة ، عن سليمان الأعمش ، عن سعد بن عبيدة السلمي أبي حمزة الكوفي ، عن المستورد بن الأحنف الكوفي ، عن صلة بن زفر العبسي الكوفي ، عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه الأربعة; فأبو داود : عن حفص بن عمر ، عن شعبة، قال: قلت لسليمان: أدعو في الصلاة إذا مررت بآية تخوف؟ فحدثني عن سعد بن عبيدة ، عن مستورد ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة: "أنه صلى مع رسول الله - عليه السلام -، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى، وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ".

                                                والترمذي : عن محمود بن غيلان ، عن أبي داود ، عن شعبة ، عن الأعمش ... إلى آخره نحوه.

                                                وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

                                                [ ص: 269 ] والنسائي : عن إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن المستورد ، عن صلة ، عن حذيفة قال: "صليت مع رسول الله - عليه السلام - ذات ليلة، فاستفتح سورة البقرة فقرأ بمائة آية، قلت: يركع، فمضى، قلت: يختمها في الركعتين، فمضى، فقلت: يختمها ثم يركع، فمضى حتى قرأ سورة النساء، ثم آل عمران، ثم ركع نحوا من قيامه، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، وأطال القيام، ثم سجد فأطال السجود، يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، لا يمر بآية تخويف أو تعظيم لله إلا ذكره".

                                                وابن ماجه : عن محمد بن رمح المصري ، عن ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن أبي الأزهر ، عن حذيفة بن اليمان: "أنه سمع رسول الله - عليه السلام - يقول إذا ركع: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، وإذا سجد: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات".

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن محمد بن القاسم الحراني المعروف بسحيم ، عن حفص بن غياث ، عن مجالد بن سعيد الكوفي، فيه مقال; فعن يحيى بن سعيد القطان: في نفسي منه شيء. وعن أحمد: ليس بشيء; يرفع حديثا كثيرا لا يعرفه الناس. وعن يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه. وعن أبي حاتم: ليس بقوي الحديث.

                                                عن عامر الشعبي ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه" : ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا حفص بن غياث ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن [ ص: 270 ] صلة ، عن حذيفة: "أن النبي - عليه السلام - كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا". انتهى.

                                                قلت: قوله: "وبحمده" زيادة في رواية الدارقطني، قال أبو داود: أخاف أن لا تكون محفوظة.

                                                وفي "المغني": روى أحمد بن نصر ، عن أحمد بن حنبل، أنه سئل عن تسبيح الركوع والسجود، سبحان ربي العظيم أعجب إليك أو سبحان ربي العظيم وبحمده؟ فقال: قد جاء هذا وجاء هذا، وما أدفع منه شيئا. وروي عن أحمد أنه قال: أما أنا فلا أقول: "وبحمده".

                                                وقيل: يحتمل أن أحمد قال ذلك; لأن هذه الزيادة من رواية ابن أبي ليلى وهو ضعيف عنده، وحكى ابن المنذر هذا عن الشافعي أيضا وعن أصحاب الرأي.




                                                الخدمات العلمية