[ ص: 52 ] ] أقسام القياس الخفي
وأما القياس الخفي فقسمه الماوردي والروياني أيضا إلى ثلاثة أقسام :
أحدها : ما خفي معناه فلم يعرف إلا بالاستدلال ويكون معناه لائحا ، وتارة يكون الاستدلال متفقا عليه ، كقوله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم } الآية فكانت عمات الآباء والأمهات في التحريم قياسا على الأمهات ، لاشتراكهن في الرحم ، وكقوله تعالى في نفقة الولد في صغره : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فكانت نفقة الوالدين عند عجزهما في كبرهما قياسا على نفقة الولد لصغره . والمعنى في هذا الضرب لائح لتردده بين الجلي والخفي ، وهو من ضروب الخفي بمنزلة الأول من ضروب الجلي ، ويجوز أن ينعقد الإجماع بمثله ، وهل ينقض حكم الحاكم إذا خالف في جواز تخصيص العموم ؟ وجهان .
الثاني : أن يكون معناه غامضا للاستدلال المختلف فيه ، كتعليل الربا في البر المنصوص عليه بالقوت ليقاس عليه كل مأكول ، فهذا لا ينتقض فيه الحكم ولا يخص به العموم .
الثالث : ما يكون شبها وهو ما احتاج في نصه ومعناه إلى استدلال كالذي { } ، يعرف بالاستدلال أن الخراج هو النفقة ، وأن الضمان هو ضمان النفقة ثم عرف معنى النفقة بالاستدلال فتقابلت المعاني بالاختلاف فيها ، فمن معلل لها بأنها آثار فلم يجعل المشتري إذا رد بالعيب مالكا للأعيان من الثمار والنتاج ، ومن معلل بأنها ما خالفت أجناس أصولها فجعل مالكا للثمار دون النتاج ، وعللها قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخراج بالضمان بأنها ما يجعل مالكا لكل ثمار من ثمار ونتاج ، فمثل هذا ينعقد الإجماع في حكم أصله ولا ينعقد في معناه ، ولا يقضى بقياس حكمه ، ولا يخص به عموم وهو أضعف مما قبله . الشافعي