النوع الخامس في الفارق
وقد اختلف في تسميته قياسا أو استدلالا ، والأول قول إمام الحرمين ، والثاني قول الغزالي ، لأن القياس يقصد به التسوية ، وإنما قصد نفي الفارق بين المحلين ، وقد جاء في ضمن ذلك الاستواء في العلة . والقياس هو الذي يبنى على العلة ابتداء وهذا لم يبن على العلة ، وإنما جاءت فيه ضمنا .
وزعم إمام الحرمين أن الخلاف لفظي . ونازعه ابن المنير ; فإن القائل بأنه قياس يقول : اللفظ منقطع الدلالة لغة عن الفرع ساكت عنه ، والحكم [ ص: 66 ] فيه إنما يتلقى من القياس المأذون فيه بالإجماع . والقائل بأنه استدلال يقول : لفظ الأصل يتناول الفرع من جهة ما ، لكنهما اتفقا على أنه لا يتناول الفرع بالمطابقة على حد تناول الأصل ، وفصل الإمام في موضع آخر فقال : الوجه عندنا إن كان في اللفظ إشعار به فلا نسميه قياسا ، كقوله صلى الله عليه وسلم : { } فهذا وإن كان في ذكر فالعبودية مستعملة في الأمة وقد قيل للأمة عبدة . وأما إذا كان لم يكن لفظ الشارع مشعرا به فهو قياس قطعي ، كإلحاق من أعتق شركا له في عبد قوم عليه رحمه الله عرق الكلب بلعابه في العدد والتعفير ، وفي دعوى القطع في الثاني نظر . الشافعي