سابعها : ، فإن تعبدنا بالقطع لم يجز القياس لأنه لا يفيد غير الظن فلا يحصل به العلم ، لأن الفرع لا يكون أقوى من الأصل وحينئذ يتعذر القياس ، كإثبات كون خبر الواحد حجة بالقياس على قبول الشهادة والفتوى على رأي من يزعم أنه من المسائل العلمية . وذكره أن لا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع الآمدي في جدله " والهندي في " النهاية " والبرهان المطرزي في " العنوان " وفيه نظر . إذ يمتنع أن يكون حكم الأصل مقطوعا به تعدى إلى غيره بجامع شبهي ، فيكون حصوله في الفرع مظنونا . وليس من ضرورة القياس أن يكون حكم الفرع مساويا لحكم الأصل إذ قد نصوا على التفاوت بينهما وأن حكم الفرع تارة يكون مساويا ، وتارة أقوى ، وتارة [ ص: 118 ] أضعف . هذا إذا كان القياس شبيها ، فإن كان قياس العلة فنحن لا نقيس إلا إذا وجدت علة الأصل في الفرع ، وإذا وجدت فيه أثرت مثل حكم الأصل فيكون مقطوعا به أيضا . وكذلك قياس الدلالة لأن الدليل يفيد وجود المدلول ، فدلالة علة الأصل إذا وجدت في الفرع دلت على وجود العلة في الفرع قطعا . وكان القياس قطعا متفقا عليه . وقد ضعف الإبياري القول بالمنع . وقال : بل ما يتعد فيه بالعلم جاز أن يثبت بالقياس الذي يفيد العلم . وقد قسمه المحققون إلى :
ما يفيد العلم : وقالوا : إنه يصح أن ينسخ به النص المتواتر ، ولهذا قال الفقهاء ينقض قضاء القاضي إذا خالف القياس الجلي ، فأجروه مجرى المقطوع به .
وقال ابن دقيق العيد في " شرح العنوان " : لعل هذا الشرط مبني على أن دليل القياس ظني ، وإلا إذا علمنا أنه قطعي وعلمنا العلة قطعا ووجودها في الفرع قطعا فقد علمنا الحكم قطعا . ونقل بعضهم الخلاف في هذه المسألة على قولين . وقال الإمام فخر الدين : عندي أن هذا الخلاف لا ينبغي أن يقع في الجواز الشرعي ، فإنه لو أمكن تحصيل اليقين بعلة الحكم ثم تحصيل اليقين بأن تلك العلة حاصلة في هذه الصورة لحصل العلم اليقيني بأن حكم الفرع مثل حكم الأصل . بل ينبغي أن يقع البحث في أنه يمكن تحصيل هذين اليقينين في الأحكام الشرعية أم لا ؟ وأما الذي طريقه الظن فلا خلاف في جواز استعمال القياس فيه . قال الهندي : لو حصل العلم بالمقدمتين على الندور لم يمتنع إثباته بالقياس التمثيلي لكونه لا يكون قياسا شرعيا مختلفا فيه قال : وهذا يستقيم إن أريد به تعريف الحكم الذي هو ركن في القياس الظني الذي هو مختلف فيه ، فأما إن أريد به تعريف الحكم الذي هو ركن في القياس كيف كان ، فلا يستقيم ذلك بل يجب حذف قيد العلم عنه .