الثاني - : وهو ما يقع في محل الحاجة ، لا الضرورة ، كالإجارة فإنها مبنية [ ص: 269 ] على مسيس الحاجة إلى المساكن مع القصور عن تملكها وضن مالكها ببذلها عارية . وكذلك المساقاة لاشتغال بعض الملاك عن تعهد أشجاره . وكذلك القراض . . . وذكر بعضهم في هذا القسم البيع . وقال الحاجي إمام الحرمين : تصحيح البيع آيل إلى الضرورة . والإجارة دونه ، لأن كل أحد لا يستغني عن البيع ، فالضرورة إليه عامة ، وفي الآحاد من يستغني عن الإجارة ، فالحاجة إليها ليست عامة . ونازعه ابن المنير وقال : وقوع الإجارات أكثر من المبايعات . ومنه : نصب الولي للصغير ، لأنه أكمل نظرا من المرأة ، لكمال عقله ، فلو فوض نكاحها إليها أوقعت نفسها في معرة ، لقصور نظرها ، ولأن توليها النكاح يستقبح عند العقلاء ، لإشعاره ببذاءتها . ثم قد يكون من هذا ما هو ضروري ، كالإجارة لتربية الطفل . وتكميلا كخيار البيع ، ورعاية الكفاءة ، ومهر المثل في تزويج الصغير فإنه أفضى إلى دوام النكاح . ثم اعلم أن ( المناسبة ) قد تكون جلية حتى تنتهي إلى القطع ، كالضروريات . وقد تكون خفية ، كالمعاني التي استنبطها الفقهاء وليس لهم إلا مجرد احتمال اعتبار الشرع لها . وقد يشتبه كون ( المناسبة ) واقعة في مرتبة الضرورة أو الحاجة لتقاربهما . وقد قال بعض الأكابر : إن مشروعية الإجارة على خلاف القياس فنازعه بعض الفضلاء وقال : إنها في مرتبة الضرورة ، لأنه ليس كل الناس قادرا على المساكن بالملك ولا أكثرهم ، والسكن ما يكن من الحر والبرد من مرتبة الضرورة . وقد يختلف التأثير بالنسبة إلى الجلاء والخفاء .