[ ص: 328 ] الاعتراضات
اعلم أن لأنه اعترض لكلامه ومنعه من الجريان . قال صاحب " خلاصة المآخذ " : الاعتراض عبارة عن معنى لازمه ، [ هدم ] قاعدة المستدل ، وهو جامع مانع . ثم حصره في عشرة أنواع : وقال : ما عداه داخل فيه : فساد الوضع ، فساد الاعتبار ، عدم التأثير ، القول بالموجب ، النقض ، القلب ، المنع ، التقسيم ، المطالبة ، المعارضة . قال : والكل مختلف فيه إلا المنع والمطالبة ، مع أن فيه خلافا شاذا ، وخالف في المنع غير واحد من الأئمة ، وهو الشيخ كل ما يورده المعترض على كلام المستدل يسمى ( اعتراضا ) أبو إسحاق العنبري ، على حسب ما سمعته من القاضي الإمام فخر الدين أحمد الخطابي . انتهى .
: مطالبات ، وقوادح ، ومعارضة ، لأنه إما أن يتضمن تسليم مقدمات الدليل أو لا ، والأول : المعارضة ، والثاني : إما أن يكون جوابه ذلك الدليل أو لا ، والأول المطالبة ، والثاني القادح . وتنقسم في الأصل إلى ثلاثة أقسام
وقد أطنب الجدليون فيها ، لاعتمادهم إياها . ومنهم من أنهاها إلى الثلاثين ، وغالبها يتداخل . وأعرض الغزالي وغيره عن ذكرها في أصول الفقه وزعم أنها كالعلاوة عليه ، وأن موضع ذكرها علم الجدل . وذكرها جمهور الأصوليين لأنها من مكملات القياس الذي هو من أصول الفقه ، ومكمل الشيء من ذلك الشيء ، ولهذه الشبهة أكثر قوم من ذكر المنطق والعربية والأحكام الكلامية ، لأنها من مواده ومكملاته .
[ ص: 329 ] واعلم أنه ليس المراد من ورودها على القياس أنها ترد على كل قياس ، لأن من الأقيسة ما لا يرد عليه بعضها ، كالقياس مع عدم النص والإجماع ، لا يتجه عليه فساد الاعتبار إلا من ظاهري ونحوه ممن ينكر القياس ، واللفظ البين لا يرد عليه الاستفسار ، وعلى هذا يمكن تخلف كل واحد من الأسئلة على البدل عن بعض الأقيسة . وإنما المراد أن المسألة الواردة على القياس لا تخرج عن هذه الطرق . ونظير هذا قول أهل التصريف : إن حروف الزيادة هي سألتمونيها ، على معنى أن الحروف الزائدة على أصول مواد الكلمة لا تزيد على هذه ، لا أن هذه الحروف حيث وقعت كانت زائدة ، لأن كثيرا منها وقع أصولا ، فاعرفه
وما ذكرناه من انقسامها إلى ثلاثة أقسام ، ذكره المتقدمون ، وقال المتأخرون : ترجع إلى اثنين : المنع ، والمعارضة ، لأنه متى حصل الجواب عن المنع والمعارضة تم الدليل ولم يبق للمعترض مجال .
فإن قيل : القول برجوعها إلى المنع والمعارضة ممنوع ، لأن المعارضة من جملة الاعتراضات ، فيؤدي إلى انقسام الشيء إلى نفسه وإلى غيره ، وإلى أن الشيء يكون داخلا تحت نفسه ضرورة لزوم اندراج المعارضة تحت المعارضة . قلنا : إذا كان المنقسم إلى هذه الأقسام هو مطلق المعارضة ومطلق المنع لا يلزم ذلك ، لأن الأعم لا يستلزم الأخص .