بسم الله الرحمن الرحيم
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين .
[1] لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، ولقوا العدو، افترق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث فرق: فرقة أقامت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العريش الذي صنع له وحمته وآنسته، وفرقة أحاطت بعسكر العدو لما انكشفوا، وفرقة اتبعوا العدو، فقتلوا وأسروا، وكانت الواقعة صبيحة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة الشريفة، وتقدم ملخص القصة في سورة آل عمران عند تفسير قوله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر [آل عمران: 123] ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرض الناس قبل ذلك وقال: "من قتل قتيلا أو أسر أسيرا فله كذا"، فسارع الشبان وبقي الشيوخ عند الرايات، فلما انجلت الحروب، واجتمع الناس، رأت كل فرقة الفضل [ ص: 87 ] لنفسها، وقالت: نحن أولى بالمغانم، وساءت أخلاقهم في ذلك، فأنزل الله تعالى:
يسألونك عن الأنفال الغنائم، واحدها نفل بتحريك الفاء، وهو الزيادة; لأنها عطية من الله -عز وجل- لهذه الأمة.
قل الأنفال لله والرسول أمرها له، فيقسمها الرسول على ما يأمره الله به، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم على السواء.
واختلفوا فيما فقال إذا قال الإمام: من فعل كذا، فله كذا، ومن جاء بكذا، فله كذا، يجوز ذلك قبل إحراز الغنيمة، وقبل أن تضع الحرب أوزارها; لما فيه من التحريض على القتال، واستدل بما قال عليه السلام يوم بدر، وأما بعد الإحراز، ينفل من الخمس. أبو حنيفة:
وقال يكره; لئلا يشوب قصد المجاهدين إرادة الدنيا; فإن شرطه، كان من الخمس، لا من أصل الغنيمة. مالك:
وقال يجوز، ويكون من المصالح المرصدة ببيت المال. وقال الشافعي: يجوز ما لم يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس. أحمد:
فاتقوا الله ولا تختلفوا بسبب حطام الدنيا وأصلحوا ذات بينكم الحال التي بينكم بترك الاختلاف.
وأطيعوا الله ورسوله فيه إن كنتم مؤمنين كاملي الإيمان.