الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال .

[17] ثم ضرب مثلين للحق والباطل، فقال تعالى: أنزل من السماء ماء يعني: المطر.

فسالت من ذلك الماء أودية جمع واد بقدرها صغيرا وكبيرا.

فاحتمل السيل زبدا هو ما علا وجه الماء من رغوة الماء وغيرها.

رابيا عاليا على الماء، فالماء الصافي هو الحق، والذاهب الزائل الذي يتعلق بالأشجار وجوانب الأودية هو الباطل، فهذا أحد المثلين، والمثل الآخر قوله تعالى:

ومما يوقدون قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم: (يوقدون) بالغيب؛ لقوله تعالى: (ما ينفع الناس)، ولا مخاطبة هاهنا، وقرأ الباقون: بالخطاب؛ أي: ومن الذي توقدون.

عليه في النار كالذهب والفضة ابتغاء حلية طلب زينة يتزين بها.

أو متاع وهو ما ينتفع به؛ كالنحاس والرصاص يذاب فيتخذ منه الأواني، والإيقاد: جعل النار تحت الشيء ليذوب. [ ص: 488 ]

زبد مثله أي: إذا سبك بالنار، كان له زبد، وهو خبثه، فالصافي ينتفع به كالماء مثل الحق، وزبده يبطل كزبد الماء مثل الباطل.

كذلك يضرب أي: يمثل الله الحق الذي يتقرر في القلوب.

والباطل الذي يعتريها أيضا.

فأما الزبد الذي علا السيل والفلز، وهو ما ينفيه الكير مما يذاب من جواهر الأرض.

فيذهب جفاء باطلا، والجفاء: هو ما يرمي به سيل الوادي إلى جنباته من الغثاء، وجفأت القدر: إذا غلت وألقت زبدها.

وأما ما ينفع الناس من الماء وخلاصة الفلز من الذهب والفضة والنحاس.

فيمكث في الأرض لمنافعهم.

كذلك يضرب الله الأمثال فيظهر الحق من الباطل.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية