يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون .
[27] يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول نزلت في أبي لبابة هارون بن عبد المنذر الأنصاري من بني عوف بن مالك، روي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصر يهود بني قريظة خمسا وعشرين ليلة، فسألوا: الصلح كما صالح إخوانهم بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرعات وأريحا من الشام، فأبى وقال لهم: تنزلون على حكمي، فأبوا، فقال: على حكم فرضوا به، وقالوا: أرسل إلينا سعد بن معاذ، أبا لبابة، وكان مناصحا لهم; لأن عياله وماله كانت عندهم، فبعثه إليهم، فقالوا: ما ترى هل ننزل على حكم محمد؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة: فما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله، فنزلت، فشد نفسه على سارية في المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت، أو يتوب الله علي، فمكث سبعة أيام حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: قد تيب عليك، فحل نفسك، فقال: والله لا أحلها حتى يكون [ ص: 106 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، فقال: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئك الثلث أن تتصدق به"، وسيأتي ذكر القصة في سورة الأحزاب إن شاء الله تعالى، وأصل الخون: النقص، كما أن أصل الوفاء: التمام، واستعماله في ضد الأمانة; لتضمنه إياه.
وتخونوا أماناتكم أي: ولا تخونوا أماناتكم فيما بينكم.
وأنتم تعلمون قبح الخيانة.
* * *