ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم .
[67] ما كان لنبي أن يكون له أسرى قرأ أبو جعفر، ويعقوب: (تكون) بالتاء مؤنثا؛ لتأنيث الجماعة، وأبو عمرو، وحده قرأ: (أسارى) بضم الهمزة وبألف بعد السين، والباقون: بالياء مذكرا لتذكير [ ص: 135 ] الجمع، و (أسرى) وأبو جعفر كأبي عمرو، بفتح الهمزة وإسكان السين من غير ألف بعدها، وأمال ويعقوب: أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، (أسرى)، واختلف عن وخلف ورش.
حتى يثخن في الأرض يبالغ في قتل المشركين وأسرهم حتى يذل الكفر ويعز الإسلام تريدون عرض الدنيا حطامها بأخذكم الفداء.
والله يريد الآخرة يريد لكم ثوابها.
والله عزيز يغلب أولياءه على أعدائه.
حكيم يعلم ما يليق بكل حال ويخصه بها، كما أمر بالإثخان، ومنع عن الفداء حين كانت الشوكة للمشركين، وخير بينه وبين المن لما تحولت الحال، وصارت الغلبة للمؤمنين.
روي العباس، فاستشارهم فيهم، فقال وعقيل بن أبي طالب، رضي الله عنه: "قومك وأهلك، استبقهم لعل الله يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك"، فقال أبو بكر رضي الله عنه: "اضرب أعناقهم؛ فإنهم أئمة الكفر، وإن الله أغناك عن الفداء، فمكني من فلان، نسيب له، ومكن عمر عليا من أخويهما فلنضرب أعناقهم"، فلم يهو ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: [ ص: 136 ] وحمزة
"إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا مثل أبا بكر إبراهيم قال: فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم [إبراهيم: 36] ، ومثلك يا مثل نوح قال: عمر رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [نوح: 26]، فخير أصحابه، فأخذوا الفداء، وكان الفداء لكل أسير أربعين أوقية، والأوقية أربعون درهما، ولم يكن من المؤمنين أحد ممن حضر إلا أحب الغنائم إلا أنه عليه الصلاة والسلام أتي يوم بدر بسبعين أسيرا، فيهم فإنه أشار بقتل الأسرى، عمر بن الخطاب، قال: "يا نبي الله كان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال"، فنزلت الآية. وسعد بن معاذ
* * *