الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فلقد كان ذلك معجزة لإدريس عليه السلام فيما يحكى وقد اندرس وانمحى ذلك العلم وانمحق وما يتفق من إصابة المنجم على ندور فهو اتفاق لأنه قد يطلع على بعض الأسباب ولا يحصل المسبب عقيبها إلا بعد شروط كثيرة ليس في قدرة البشر الاطلاع على حقائقها فإن اتفق أن قدر الله تعالى بقية الأسباب وقعت الإصابة وإن لم يقدر أخطأ ويكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم مهما رأى الغيم يجتمع وينبعث من الجبال فيتحرك ظنه بذلك وربما يحمى النهار بالشمس ويذهب الغيم وربما يكون بخلافه ومجرد الغيم ليس كافيا في مجيء المطر وبقية الأسباب لا تدرى وكذلك تخمين الملاح أن السفينة تسلم اعتمادا على ما ألفه من العادة في الرياح ولتلك الرياح أسباب خفية هو لا يطلع عليها فتارة يصيب في تخمينه وتارة يخطئ ولهذه العلة يمنع القول عن النجوم أيضا .

التالي السابق


(ولقد كان ذلك) أي: علم النجوم (معجزة لإدريس -صلوات الله عليه- فيما يحكى) ويروى أن نبيا من الأنبياء قد خط فمن وافق خطه خطه أصاب قيل: هو إدريس وقيل: دانيال عليه السلام، وإن المراد بالخط هو علم النجوم أو علم الرمل أو غير ذلك (وقد اندرس ذلك العلم) بعد وفاته (وانمحق وانمحى) وزال (و) أما (ما يتفق من إصابة) أمر (لمنجم على ندور) في بعض الأحيان (فهو اتفاق) ومصادفة (لأنه قد يطلع على بعض الأسباب) بحسب ظاهر قواعده (ولا يحصل المسبب عقيبها) كما وقع ذلك لبعضهم أثناء المائة أنه أخبر عن يوم مخصوص في شهر كذا تهب رياح شديدة لا تبقي شجرا ولا بناء إلا هدمتهما وحذر الناس بذلك وكتب قصيدته المتضمنة على الفضائح إلى البلاد حتى وصلت إلى المغرب وقد صدقه في كلامه أكثر الناس من المشارقة والمغاربة وتهيئوا للجلاء عن بيوتهم واتخاذهم سراديب في البوادي والقفار، فاتفق أن جاء ذلك اليوم ولم يكن فيه مما ذكر شيء، ذكره البلوي في كتابه ألف با (إلا بعد شروط كثيرة) وإحالات على أمور (ليس في قدرة البشر الإطلاع عليها) وتفنى الأعمار دون تحصيلها فمن ذلك ما ذكروه في شروط عمل السحر معرفة الطالع من البروج المستقيمة والمعوجة الطلوع ومعرفة السعود والنحوس منها، ومعرفة نقاء القمر من الأعراض التي تصيبه وما لكل كوكب وكل برج وما تصلح له ومعرفة كونه تحت شعاع القمر حتى ينحل من العقدة، ومعرفة احترافه بملاقاة جرمه جرم الشمس وهو أشد المناحس، وأشباه ذلك من الخرافات التي يشترطونها في كتبهم ( فإن اتفق أن قدر الله بقية الأسباب) مع توفيته الشروط (وقعت الإصابة وإن لم يقدر أخطأ) في حكمه ذلك (ويكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم مهما رأى الغيم) في آفاقها (يجتمع وينبعث من الجبال) فيتراكم بعضه على بعض (فيتحرك ظنه لذلك) وتظهر له أمارات المطر فيحكم به ( وربما يحمى النهار بالشمس) وتأتي رياح مخالفة (ويتبدد) أي: يتفرق ذلك (الغيم وربما يكون بخلافه) أي تمطر ناحية والشمس مضيئة (ومجرد الغيم ليس كافيا في) حصول (المطر وبقية الأسباب لا تدرى) أي: تعلم (وكذلك تخمين الملاح) وهو من يلازم خدمة السفن (أن السفينة تسلم) من الغرق (اعتمادا على ما ألفه من) جاري (العادة في الرياح ولتلك الرياح أسباب خفية) فيهلك (ولهذه العلة يمنع القوي) في إيمانه واعتقاده (من) النظر في (النجوم أيضا) وهو ظاهر .




الخدمات العلمية