الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الخامس أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليه وأهم من المحافل وبين أظهر الأكابر والسلاطين .

فإن الخلوة أجمع للفهم وأحرى بصفاء الذهن والفكر ودرك الحق وفي حضور الجمع ما يحرك دواعي الرياء ويوجب الحرص على نصرة كل واحد . نفسه محقا كان أو مبطلا وأنت تعلم أن حرصهم على المحافل والمجامع ليس لله وأن الواحد منهم يخلو بصاحبه مدة طويلة فلا يكلمه وربما يقترح عليه فلا يجيب وإذا ظهر مقدم أو انتظم مجمع لم يغادر في قوس الاحتيال منزعا حتى يكون هو المتخصص بالكلام .

التالي السابق


(الخامس أن تكون المناظرة في الخلوة) عن الناس (أحب إليه) حبا لازما (وأهم من) المناظرة في (المحافل) جمع: محفل، وهو مجمع الناس (و) من (بين أظهر الأكابر) من الأمراء (والسلاطين) والملوك أي: في حضورهم وبين أيديهم (فإن الخلوة أجمع للفهم) وفي نسخة: للهم أي: تجمع هم المرء ولا تشتته (وأحرى) أي: أليق (بصفاء التفكر) لجلاء الذهن فيها (و) أقرب إلى (درك الحق) وقد أشار إلى ذلك التقي السبكي في كتاب إلى ولده التاج يحرضه بذلك، ويشير إلى ما في الخلوة من الفوائد ويمنعه عن مباحثته في المحاضر فإنها تشتت الأذهان (وفي حضور الجمع) الكثير والجماء الغفير (ما يحرك دواعي الرياء) أي: ما يستدعيه إلى ارتكاب المراءاة والمباهاة (ويوجب الحرص) والميل (على نصرة كل واحد لنفسه) حتى لا يقال بين هؤلاء أفحم فلان في مناظرته عن فلان (محقا كان أو مبطلا) وربما إذا كان محقا ونوى نصرة [ ص: 289 ] نفسه فإنه كذلك وبال عظيم (وأنت تعلم) الآن (أن حرصهم) وميلهم (على حضور المحافل والمجامع) والمحاضر لا يناظرون إلا فيها (وإن الواحد) منهم (يخلو بصاحبه مدة فلا يكلمه) ولا يعتني به (وربما يقترح عليه) مسألة (فلا يجيب) ولا يبدي فيه ولا يعيد (فإذا ظهر مقدم) مصدر ميمي أي: قدوم أحد من الرؤساء فاجتمعوا لملاقاة القادم (أو انتظم مجمع) الناس كالولائم والدعوات وحضور الجنائز والموالد (لم يغادر) أي: لم يترك (في قوس الاحتيال) أي: الحيلة (منزعا) إلا نزعه (حتى يكون هو المتخصص بالكلام) من غير أن يلقى الله أو يقترح عليه، يقال: نزع في القوس ينزعها نزعا ومنزعا إذا مدها بالوتر أو جذب الوتر بالسهم .




الخدمات العلمية