الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومنها الحقد فلا يكاد المناظر يخلو عنه وقد قال صلى الله عليه وسلم المؤمن ليس بحقود وورد في ذم الحقد ما لا يخفى ولا ترى مناظرا يقدر على أن لا يضمر حقدا على من يحرك رأسه من كلام خصمه ويتوقف في كلامه فلا يقابله بحسن الإصغاء بل يضطر إذا شاهد ذلك إلى إضمار الحقد وتربيته في نفسه وغاية تماسكه الإخفاء بالنفاق ويترشح منه إلى الظاهر لا محالة في غالب الأمر وكيف ينفك عن هذا ولا يتصور اتفاق جميع المستمعين على ترجيح كلامه واستحسان جميع أحواله في إيراده وإصداره بل لو صدر من خصمه أدنى سبب فيه قلة مبالاة بكلامه انغرس في صدره حقد لا يقلعه مدى الدهر إلى آخر العمر .

التالي السابق


(ومنها) أي: ومن آفات المناظرة (الحقد) وهو الانطواء على العداوة والبغضاء (ولا يكاد المناظر) وفي نسخة: ولا تكاد المناظرة (يخلو عنه وقد قال -صلى الله عليه وسلم- المؤمن ليس بحقود) . قال العراقي: لم أقف له على أصل. اهـ .

وتبعه على ذلك الحافظ السخاوي في مقاصده (و) قد (ورد في ذم الحقد) من الأحاديث (ما لا يخفى) على المتبصر وسيأتي ذكر شيء من ذلك في الربع الثالث (و) أنت (لا ترى مناظرا) في مجلس من المجالس (يقدر على أن لا يضمر) أي: يكتم في نفسه (حقدا على من يحرك رأسه) ويشير به (على كلام خصمه) الذي يناظره (ويتوقف في كلامه) ولو كان صريحا (فلا يقابله) وفي نسخة: ولا يقابله (بحسن الإصغاء) والاستماع لما يورده (بل يضطر إذا شاهد ذلك) منه ولم يجد محيصا (إلى إضمار الحقد وترتيبه في النفس) أي: تسكينه فيها وفي نسخة: وتزيينه من الزينة (وغاية تماسكه) عن إظهار ما في نفسه (الإخفاء بالنفاق) المذموم المنهي عنه (ويترشح منه) أي: من هذا الحال من باطنه (إلى الظاهر لا محالة في غالب الأمر) من كلامه وحركاته وسكناته فمن أسر سريرة ألبسه الله رداءها (وكيف ينفك) المناظر (عن هذا) الوصف (ولا يتصور اتفاق جميع المستمعين) حوله (على ترجيح كلامه) على المخالف (واستحسان جميع أحواله في) حالتي (إيراده وإصداره) لا بد من نقص في ذلك إلا من عصمه الله (ثم لو صدر من خصمه) في حالة مناظرته (أدنى تشبث) كذا في النسخ وفي أخرى أدنى تشتيت من الشت وهو الخلاف والتباعد وفي أخرى أدنى سبب (فيه قلة مبالاة) وفي نسخة: واعتناء بكلامه ( انغرس في صدره) وثبت وفي نسخة: في قلبه (حقد لا تقطعه يد الدهر) أبدا (إلى آخر العمر) نسأل الله السلامة من ذلك بمنه وكرمه .




الخدمات العلمية