ووصف بعضهم الأبدال فقال : أكلهم فاقة ونومهم غلبة وكلامهم ضرورة أي لا يتكلمون حتى يسألوا وإذا سئلوا ووجدوا من يكفيهم سكتوا فإن اضطروا أجابوا وكانوا يعدون الابتداء قبل السؤال من الشهوة الخفية للكلام .  
ومر  علي  وعبد الله رضي الله عنهما برجل يتكلم على الناس فقال هذا يقول اعرفوني . 
وقال بعضهم : إنما العالم الذي إذا سئل عن المسألة فكأنما يقلع ضرسه .  
وكان  ابن عمر  يقول : تريدون أن تجعلونا جسرا تعبرون علينا إلى جهنم . 
وقال أبو حفص النيسابوري العالم هو الذي يخاف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة من أين أجبت وكان إبراهيم التيمي إذا سئل عن مسألة يبكي ، ويقول : لم تجدوا غيري حتى احتجتم إلي . 
وكان أبو العالية الرياحي  وإبراهيم بن أدهم  والثوري  يتكلمون على الاثنين والثلاثة ، والنفر اليسير ، فإذا كثروا انصرفوا . 
وقال صلى الله عليه وسلم ما أدري أعزير نبي أم لا ؟ وما أدري أتبع ملعون أم لا ؟ وما أدري ذو القرنين نبي أم لا ولما ؟ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير البقاع في الأرض وشرها قال لا أدري ، حتى نزل عليه جبريل عليه السلام  ، فسأله فقال : لا أدري إلى أن أعلمه الله عز وجل أن ، خير البقاع المساجد وشرها الأسواق وكان  ابن عمر  رضي الله عنهما يسأل عن عشر مسائل فيجيب عن واحدة ، ويسكت عن تسع وكان  ابن عباس  رضي الله عنهما يجيب عن تسع ويسكت عن واحدة . 
وكان في الفقهاء من يقول : لا أدري أكثر مما يقول : أدري منهم  سفيان الثوري  ومالك بن أنس   وأحمد بن حنبل  والفضيل ابن عياض  وبشر بن الحارث .  
وقال  عبد الرحمن بن أبي ليلى   أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منهم أحد يسأل عن حديث أو فتيا إلا ود أن أخاه كفاه ذلك . 
وفي لفظ آخر : كانت المسألة تعرض على أحدهم فيردها ، إلى الآخر ويردها الآخر إلى الآخر حتى تعود إلى الأول . 
وروي أن أصحاب الصفة  أهدي إلى واحد منهم رأس مشوي وهو في غاية الضر فأهداه إلى الآخر وأهداه الآخر إلى الآخر ، هكذا دار بينهم حتى رجع إلى الأول . 
فانظر الآن كيف انعكس أمر العلماء فصار المهروب منه مطلوبا والمطلوب مهروبا عنه      	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					