وما سوى الله عز وجل هو الذي يفارقه عند الموت ، . فلا يبقى معه في القبر أهل ولا مال ولا ولد ولا ولاية ولا يبقى إلا ذكر الله عز وجل
فإن كان قد أنس به تمتع به ، وتلذذ بانقطاع العوائق الصارفة عنه ؛ إذ ضرورات الحاجات في الحياة الدنيا تصد عن ذكر الله عز وجل ، ولا يبقى بعد الموت عائق ، فكأنه خلى بينه وبين محبوبه فعظمت غبطته ، وتخلص من السجن الذي كان ممنوعا فيه عما به أنسه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : أراد به كل ما يتعلق بالدنيا فإن ذلك يفنى في حقه بالموت ف إن روح القدس نفث في روعي : أحبب من أحببت فإنك مفارقه كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وإنما تفنى الدنيا بالموت في حقه إلى أن تفنى في نفسها عند بلوغ الكتاب أجله .
وهذا الأنس يتلذذ به العبد بعد موته إلى أن ينزل في جوار الله عز وجل ، ويترقى من الذكر إلى اللقاء وذلك بعد أن يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور ولا ينكر بقاء ذكر الله عز وجل معه الموت فيقول : إنه أعدم ، فكيف يبقى معه ذكر الله عز وجل فإنه لم يعدم عدما يمنع الذكر ، بل عدما من الدنيا ، وعالم الملك والشهادة لا من عالم الملكوت .