الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الأذكار المكررة فهي كلمات ورد في تكرارها فضائل لم نطول بإيرادها ، وأقل ما ينبغي أن يكرر كل واحد منها ثلاثا أو سبعا وأكثره مائة أو سبعون وأوسطه ، عشر فليكررها بقدر فراغه وسعة وقته وفضل الأكثر أكثر والأوسط الأقصد أن يكررها عشر مرات فهو ؛ أجدر بأن يدوم عليه خير ، الأمور أدومها وإن قل وكل وظيفة لا يمكن المواظبة على كثيرها فقليلها مع المداومة أفضل وأشد تأثيرا في القلب مع كثيرها مع الفترة ومثال القليل الدائم كقطرات ماء تتقاطر على الأرض على التوالي فتحدث فيها حفيرة ولو وقع ذلك على الحجر ومثال الكثير المتفرق ماء يصب دفعة ، أو دفعات متفرقة متباعدة الأوقات ، فلا يبين لها أثر ظاهر وهذه الكلمات عشرة .

: الأولى : قوله : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير .

الثانية : قوله : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الثالثة : قوله : سبوح قدوس رب الملائكة والروح .

التالي السابق


( وأما الأذكار المكررة فهي كلمات ورد في تكرارها فضائل) في أخبار ( لم نطول بإيرادها، وأقل ما ينبغي أن يكون كل واحد منها ثلاثا أو سبعا) وكل منهما وتر ( وأكثرها مائة أو سبعون، وأوسط ذلك عشر) وفي كل من الأقل والأكثر مرتبتان ( فليكرر ذلك بقدر فراغه) من العمل ( وسعة وقته) ومناسبة حاله ( وفضل الأكثر) مع الفراغ والسعة ( أكثر) لأن الجزاء على قدر العمل ( والأوسط والاقتصاد أن يكررها عشر مرات؛ فذلك أجدر) أي: أحق ( بأن يدوم، وخير الأمور أدومها وإن قل) كما أن خير الأمور أوسطها .

( وكل وظيفة لا يمكن المواظبة على كثيرها فقليلها مع المداومة أفضل وأشد تأثيرا في القلب من كثيرها مع الفترة) وفي نسخة: من غير مداومة، ثم ضرب لذلك مثلا فقال: ( ومثال القليل الدائم) من غير انقطاع ( مثال قطرات من الماء تتقاطر على الأرض) قطرة على قطرة ( على التوالي) والتكرار ( فهي تحدث فيها حفرة لا محالة) كما هو مشاهد ( ولو وقعت على الحجر) فإنها لا بد وأن تؤثر فيه مع مرور الزمان ( ومثال الكثير المتفرق) من غير دوام ( مثال ما يصب دفعة واحدة، أو دفعات متفرقة متباعدة الأوقات، فلا يتبين لها أثر ظاهر) ولو كانت الأرض رخوة، وهذا أيضا مشاهد .

( وهذه الكلمات عشر:

الأولى: قوله: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير) قال العراقي: تقدم من حديث أبي أيوب تكرارها عشرا دون قوله: "يحيي ويميت وهو حي لا يموت" وهي كلها عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف فيما يقال عند الصباح والمساء، وتقدم تكرارها مائة ومائتين، وللطبراني في الدعاء من حديث عبد الله بن عمرو تكرارها ألف مرة، وإسناده ضعيف. اهـ .

قلت: تكرارها عشرا بدون تلك الزيادة قد جاء أيضا من حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم والنسائي، بلفظ: "كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل" وحديث أبي أيوب المذكور رواه أيضا الترمذي والطبراني والبيهقي، ورواه ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود موقوفا، ورواه أحمد والطبراني والضياء بزيادة في آخره، ورواه عبد بن حميد من غير قيد عشرة .

وروى ابن صصرى في أماليه من حديث أبي أمامة: "من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات في دبر صلاة الغداة، كتب الله له بكل واحدة منها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت له خيرا من عشر محررين يوم القيامة، ومن قالها في دبر صلاة العصر كان له مثل ذلك".

وروى ابن السني والطبراني في الكبير من حديث معاذ -رضي الله عنه-: "من قال حين ينصرف من صلاة الغداة قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، أعطي بهن سبعا" الحديث .

وروى ابن النجار من حديث عثمان -رضي الله عنه-: "من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، حين يصلي الصبح وقبل أن يثني رجله، عشر مرات، كتب له عشر حسنات" الحديث .

وروى الترمذي، عن عمارة بن شبيب السبائي: "من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات" الحديث، وقال: حسن غريب .

وقد روي بقيد العشرة عن عدة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كأبي الدرداء عند الطبراني وابن عساكر، وعبد الرحمن بن غنم عند أحمد، وقيل: هو مرسل، وابن عياش عند ابن السني، وغير هؤلاء .

وأما تكرارها مائة: ففي حديث أبي هريرة عند أحمد والشيخين والترمذي وابن ماجه وأبي حيان، وحديث عبد الله بن عمرو عند ابن السني والخطيب، وعن أبي الدرداء عند ابن أبي شيبة موقوفا، وعن أبي أمامة عند الطبراني والضياء.

وأما تكرارها ألفا: ففي حديث عبد الله بن عمرو عند إسماعيل بن عبد الغافر في الأربعين .

( الثانية: قوله: سبحان الله العظيم، والحمد لله، ولا إله إلا الله [ ص: 131 ] والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) قال العراقي: رواه النسائي في اليوم والليلة، وابن حبان، والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري: "استكثروا من الباقيات الصالحات" فذكرها. اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد، ولكن ليس عندهم القيد بعشر مرات، ولفظهم بعد قوله: "الصالحات": "التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ولا حول ولا قوة إلا بالله".

ورواه كذلك الحاكم أيضا عن أبي هريرة .

وروى ابن السني والحسن بن شبيب المعمري في اليوم والليلة، وأبو الشيخ، وابن النجار، عن أنس: "من قال حين ينصرف من صلاته: سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثلاث مرات، قام مغفورا له" .

( الثالثة: قوله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح) قال العراقي: لم أجدها مكررة، ولكن عند مسلم من حديث عائشة "أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقولها في ركوعه وسجوده" وقد تقدم، ولأبي الشيخ في الثواب من حديث البراء: "أكثر من أن تقول: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح" .




الخدمات العلمية